(فصل) قال شارح (منازل السائرين): حقيقة الشيء عند أهل هذا الشأن علاماته الدالة عليه, ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم- لحارثة -رضي الله عنه-: كيف أصبحت؟ فقال: أصبحت مؤمنا حقًا. فقال: إن لكل قول حقيقة, فما حقيقة إيمانك؟ فقال: (عَزَفَتْ نَفْسِي عَنِ الدُّنْيَا..) الحديث([1]). فأخبره بعلامات صحة الإيمان.
([1]) تمامه: فَأَسْهَرْتُ لَيْلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَىٰ عَرْشِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، وَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَىٰ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَتَزَاوَرُونَ فِيهَا، وَكَأَنِّي أَسْمَعُ عُوَاءَ أَهْلِ النَّارِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: «مُؤْمِنٌ نَوَّرَ اللَّهُ قَلْبَهُ». رواه ابن المبارك في الزهد، وعبد الرزاق عن معمر عن صالح بن مسمار، زاد عبد الرزاق وجعفر بن برقان ثم اتفقا أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال للحارث بن مالك: كيف أصبحت.. إلخ، وهو معضل، ورواه عبد الرزاق في التفسير عن الثوري عن عمرو بن قيس الملائي عن يزيد السلمي قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فذكره. ورواه الطبراني من طريق سعيد بن أبي هلال عن محمد بن أبي الجهم، وابن منده من طريق سليمان بن سعيد عن الربيع بن لوط كلاهما عن الحارث بن مالك الأنصاري أنه جاء إلىٰ النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله أنا من المؤمنين حقًا. فقال: انظر ما تقول. الحديث. وفي آخره: «مَن سرَّه أن ينظر إلىٰ مَن نَوَّر الله قلبه فلينظر إلىٰ الحارث». قال ابن منده: ورواه زيد ابن أبي أنيسة عن عبد الكريم بن الحارث، عن الحارث بن مالك، وأخرجه البزار والبيهقي في الشعب من طريق يوسف بن عطية عن أنس أن النبي -صلى الله عليه وسلم- لَقِيَ رجلاً يُقال له حارثة في بعض سكك المدينة فقال: كيف أصبحت يا حارثة. الحديث. وفي آخره: عرفت فالزم، مؤمن نوَّر الله قلبه. ويوسف لا يحتج به، لكن تابعه جرير بن عتبة بن عبدالرحمن فرواه عن أبيه عن أنس فيما ذكره ابن منده.