(فصل) ويظهر لي أن أهل هذا الشأن إنما سموا علمهم علم الحقيقة أخذًا من لفظ الحقيقة في هذا الحديث, وقد ظهر لي أن نسبة علم الحقيقة إلى علم الشريعة كنسبة علم المعاني والبيان إلى علم النحو, فهو سره ومبني عليه فمن أراد الخوض في علم الحقيقة من غير أن يعلم الشريعة فهو من الجاهلين, ولا يحصل على شيء, كما أن من أراد الخوض في أسرار علم المعاني والبيان من غير أن يحكم النحو فهو يخبط خبط عشواء, وكيف يدرك أحوال الإسناد والمسند إليه والمسند ومتعلقات الفعل من لم يعرف المبتدأ من الخبر, والفاعل من المفعول؟ هذا بين لكل أحد. والحقيقة سر الشريعة ولبها الخالص, كما أن المعاني والبيان سر النحو ولطائفه.
والتصوف فقه بلا شك, فإن أكثره تكاليف واجبة ومندوبة, ومنها محرمة ومكروهة.