التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: ذو العُمر المعمر، والخبر المحبّر، والبر المبشر، أبو رجاء العطاردي، أدرك أول دعوة الرسول، فأجاب إلى التصديق والقبول، وثبت على الاقتال والوصول، وقيل: إن التصوف قبول الرسول للتوسل إلى الوصول».
مناقبه ومروياته:
روي عن عمارة المعولي، سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: بعث النبي ﷺ وأنا خماسي يدعو إلى الجنة.
وروي عن كثير بن عبد الله الأيلي أبو هاشم، قال: كنا عند الحسن وعنده ابن سيرين، فدخل رجلان، فقالا: جئناك نسألك عن شيء، فقال: سلوني عما بدا لكم قالوا: لك علم بالجن الذين بايعوا رسول الله هل بقي منهم أحد ؟ فتبسم الحسن وقال: ما كنت أظن أن أحدا يسألني عن هذا، ولكن عليكم بأبي رجاء العطاردي.
وروي عن كثير بن عبد الرحمن قال أتينا أبا رجاء العطاردي، فقلن له: ألك علم بمن بايع النبي ﷺ من الجن؟ هل بقي منهم أحد؟ قال: سأخبركم عن ذلك، نزلنا على قصر، فضربنا أخبيتنا، فإذا حية تضطرب فماتت فدفنتها ، فإذا أنا بأصوات كثيرة، السلام عليكم، ولا أرى شيئًا، فقلت: من أنتم؟ قالوا نحن الجن جزاك الله عنا خيرًا، اتخذت عندنا يدا، قلت: وما هي؟ قالوا: الحية التي قبرتها، كانت آخر من بقي ممن بايع النبي قال أبو رجاء: وأنا اليوم لي مائة وخمسة وثلاثون سنة».
وروي عن وهب بن جرير عن أبيه قال: سمعت أبا رجاء يقول: بلغنا أمر رسول الله ﷺ ونحن على ماء لنا - يقال له: سند، فانطلقنا نحو الشجرة هاربين - أو قال: هرابا - بعيالنا، فبينما أنا أسوق بالقوم إذ وجدت كراع ظبي طري، فأخذته فأتيت المرأة، فقلت: هل عندك شعير؟ فقالت: قد كان في وعاء لنا عام أول شيء من شعير، فما أدري بقي منه شيء أم لا؟ فأخذته فنفضته، فاستخرجت منه ملىء كف من شعير، فرضخته بين حجرين، ثم ألقيته والكراع في برمة، ثم قمت إلى بعير، فقصدته إناء من دم، ثم أوقدت تحته، ثم أخذت عودًا فلبكته به لبكا شديدًا حتى أنضجته، ثم أكلنا، فقال له رجل: يا أبا رجاء. كيف طعم الدم؟ قال: حلو.
وروي عن يوسف بن عطية عن أبيه قال: دخل أبي على أبي رجاء العطاردي، فقال: وحدثني أبو رجاء، قال: بعث النبي الله ونحن على ماء لنا، وكان لنا صنم مدور، فحملناه على قتب، وانتقلنا من ذلك الماء إلى غيره، فمررنا برملة فانسل الحجر فوقع في رمل فغاب فيه، فلما رجعنا إلى الماء فقدنا الحجر، فرجعنا في طلبه فإذا هو في رمل قد غاب فيه، فاستخرجناه، فكان ذلك أول إسلامي، فقلت: إن إلها لم يمنع من تراب يغيب فيه لإله سوء، وإن العنز لتمنع حياها بذنبها، فكان ذلك أول إسلامي، فرجعت إلى المدينة، وقد توفي رسول الله ».
وروي عن عمارة المعولي قال: سمعت أبا رجاء يقول: كنا نعمد إلى الرمل فنجمعه ونحلب عليه فنعبده، وكنا نعمد إلى الحجر الأبيض فنعبده زمانًا، ثم نلقيه، وكنا نعظم الحرم في الجاهلية ما لا تعظمونه في الإسلام.
وروي عن مسلم بن رزين قال: سمعت أبا رجاء يقول: كنا نجمع التراب في الجاهلية، فنجعل وسطه حفرة، فنحلب فيها ثم نسعى حولها، ونقول: لبيك لا شريك لك إلا شریگا هو لك تملكه وما ملك.
وروي عن قرة بن خالد، قال: سمعت أبا رجاء يقول: قد رميت عليا بسهم حتى لهف نفسي أنها قد قصرت دونه.
وروي عن ابن عون، قال: سمعت أبا رجاء يقول: ما أنفس على شيء أخلفه بعدي إلا أني كنت أعفر وجهي في كل يوم وليلة خمس مرار لربي عز وجل.
وروي عن حماد بن زيد عن أيوب، قال: سمعت أبا رجاء يقول: والله للمؤمن أذل في نفسه من قعود إبل.
وروي عن أبي الأشهب، قال: كان أبو رجاء يختم بنا في قيام رمضان لكل عشرة أيام.
وري عن الجعد أبو عثمان اليشكري قال: سألت أبا رجاء العطاردي، قلت: يا أبا رجاء. أرأيت من أدركت من أصحاب رسول الله لو كانوا يخافون على أنفسهم النفاق؟ قال: أما أني أدركت بحمد الله منهم صدرًا حسنًا. قال أبو عثمان وقد كان أدرك عمر بن الخطاب؛ فقال: نعم شديدا، نعم شديدًا.
وروي عن شعيب بن درهم عن أبي رجاء، قال: كان هذا الموضع من ابن عباس - أي: مجرى الدموع - كأنه الشراك البالي من الدمع.
وروي عن ابن شوذب قال: حدثني جار لأبي رجاء العطاردي، قال: أتيته ببنين لي قد ألبستهم وهيأتهم، فقلت: أدع الله لي فيهم بالبركة، قال: اللهم قد أحسنت نبتهم فأحسن حصدتهم.