التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: المتخشع البكاء، المتضرع الدعاء، أبو المهاجر رياح بن عمرو عمرو القيسي».
مناقبه ومروياته:
روي عن مالك بن ضيغم عن أبيه، قال: جاءنا رياح القيسي يسأل عن أبي بعد العصر، فقلنا: هو
نائم؛ فقال : أنوم بعد العصر هذه الساعة ؟ هذا وقت نوم، ثم ولى، فأتبعناه رجلًا، فقلنا: الحقه، فقل: نوقظه لك، قال: فجاء بعد المغرب فقلنا :أبلغته؟ قال هو كان أشغل من أن يفهم عني أدركته وهو يدخل المقابر، وهو يوبخ نفسه أقلت أي نوم هذا لينم الرجل متى شاء، تسألني عما لا يعنيك، أما إن الله عز وجل عليَّ عهدًا لا أنقضه فيما بيني وبينه أبدا، أن لا وسدك النوم حولا، قال: فلما سمعت منه هذا تركته، وانصرفت.
وروي عن عبد الرحيم بن يحيى، ثنا عثمان قال: أخبرتني محنة، وكانت إحدى العوابد قالت: رأيت رياح بن عمرو القيسي ليلة خلف المقام، فذهبت فقمت خلفه حتى أزحفت ، ثم اضطجعت وهو قائم، فأنا أنظر إليه، فقلت بصوت لي حزين: سبقني العابدون وبقيت وحدي، والهف نفساه، فإذا رياح قد شهق، وانكب على وجهه مغشياً عليه، فامتلأ فمه رملا ، فما زال كذلك حتى أصبحنا، ثم أفاق.
وروي عن الحارث بن سعيد، قال: أخذ بيدي رياح القيسي يومًا؛ فقال: هلم يا أبا محمد حتى نبكي على ممر الساعات ونحن على هذه الحال، قال: وخرجت معه إلى المقابر، فلما نظر إلى القبور صرخ، ثم خر مغشيا عليه، قال: فجلست والله عند رأسه أبكي، قال: فأفاق؛ فقال: ما يبكيك؟ : قلت لما أرى بك؟ قال: لنفسك فابك، ثم قال: وانفساه وا نفساه، ثم غشى عليه، قال: فرحمته والله مما نزل به فلم أزل عند رأسه حتى أفاق قال: فوثب وهو يقول: ﴿تِلْكَ إِذَا كرة خاسرة تِلْكَ إِذَا كَرَّةً خَاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ۱۲] ومضى على وجهه وأنا أتبعه لا يكلمني حتى انتهى إلى منزله، فدخل وصفق بابه، ورجعت إلى أهلي، ولم يلبث بعد ذلك إلا يسيرا حتى مات رحمة الله تعالى عليه.
وروي عن إسحاق بن إبراهيم الثقفي، حدثني رياح بن عمرو القيسي، قال: أتيت الأبرد بن ضرار في بني سعد؛ فقال لي: يا رياح هل طالت بك الليالي والأيام ؟ فقلت له: بِمَ؟ قال: بالشوق إلى لقاء الله، قال: فسكت ولم أقل شيئًا حتى أتيت رابعة، فقلت لها: تلثمي بثوبك، واستتري بجهدك، فقد سألني الأبرد مسألة لم أقل فيها شيئًا فقالت: ما سألك؟ فقلت لها: قال لي: هل طالت لك الأيام والليالي بالشوق إلى لقاء الله؟ قالت لي رابعة : فقلت ماذا؟ قلت: لم أقل : نعم فأكذب، ولم أقل : لا فأهجن نفسي، قال: فسمعت تخريق قميصها من وراء ثوبها، وهي تقول: لكني نعم.
وروي عن معاذ أبو عون الضرير، قال: كنت أكون قريبا من الجبان، فكان يمر بي رياح القيسي
بعد المغرب إذا خلت الطريق، وكنت أسمعه وهو ينشج بالبكاء ويقول: إلى كم يا ليل ويا نهار تحطان من أجلي وأنا غافل عما يراد بي، إنا الله. إنا الله ، فهو كذلك حتى يغيب عني وجهه.
وروي عن علي بن الحسن بن أبي مريم، قال: قال رياح القيسي : لي نيف وأربعون ذنبا ، قد استغفرت لكل ذنب مائة ألف مرة.
وروي عن محمد التيمي، قال: قال رياح القيسى: لا أجعل لبطني على عقلي سبيلا أيام الدنيا، فكان لا يشبع، إنما كان يأكل بلغة بقدر ما يمسك الرمق.
وروي عن عبد المؤمن الصائغ، قال: دعوت رياحًا ذات ليلة إلى منزلي ونحن بعبادان، فجاء في السحر، فقربت إليه طعاما، فأصاب منه شيئًا، فقلت: ازدد فما أراك شبعت قال: فصاح صيحة أفزعني، وقال: كيف أشبع في أيام الدنيا، وشجرة الزقوم طعام الأثيم بين يدي، قال: فرفعت الطعام من بين يديه؛ فقلت: أنت في شيء، ونحن في شيء.
وروي عن محمد بن عيسى عن محمد بن يحيى قال: قال رياح القيسي: كما لا تنظر الأبصار إلى شعاع الشمس، كذلك لا تنظر قلوب محبي الدنيا إلى نور الحكمة أبدا.
وروي عن سيار، ثنا رياح بن عمرو قال: سمعت مالك بن دينار يقول: لا يبلغ الرجل منزلة الصديقين حتى يترك زوجته كأنها أرملة، ويأوي إلى مزابل الكلاب.