التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: العابد المجار، المعصوم حين الفتنة من الفجار، أبو أيوب سليمان بن يسار».
مناقبه ومروياته:
روي عن مصعب بن عثمان قال: كان سليمان بن يسار من أحسن الناس وجها، فدخلت عليه امرأة فسألته نفسه، فامتنع عليها؛ فقالت له: ادن، فخرج هاربًا من منزله وتركها فيه، قال سليمان بن يسار فرأيت بعد ذلك فيما يرى النائم يوسف عليا وكأني أقول له: أنت يوسف؟ قال: نعم، أنا يوسف الذي هممت وأنت سليمان الذي لم تهم.
وروي عن أبي حازم، قال: خرج سلیمان ابن يسار خارجًا من المدينة ومعه رفيق له حتى نزلوا بالأبواء؛ فقام رفيقه، فأخذ السفرة، وانطلق إلى السوق يبتاع لهم، وقعد سليمان في الخيمة، وكان من أجمل الناس وجها، وأورع الناس، فبصرت به أعرابية من قلة الجبل وهي في خيمتها، فلما رأت . حسنه وجماله انحدرت وعليها البرقع والقفازان فجاءت فوقفت بين يديه فأسفرت عن وجه لها كأنه فلقة قمر، فقالت: اهبتني؛ فظن أنها تريد طعامًا، فقام إلى فضل السفرة ليعطيها، فقالت: لست أريد هذا، إنما أريد ما يكون من الرجل إلى أهله؛ فقال: جهزك إلى إبليس، ثم وضع رأسه بين كميه، فأخذ في النحيب، فلم يزل يبكي، فلما رأت ذلك سدلت البرقع على وجهها، ورفعت رجليها بأكواب حتى رجعت إلى خيمتها، فجاء رفيقه وقد ابتاع لهم ما يرفقهم، فلما رآه وقد انتفخت عيناه من البكاء وانقطع حلقه، قال: ما يبكيك؟ قال: خير ذكرت صبيتي، قال: لا، إن لك قصة، إنما عهدك بصبيتك منذ ثلاث أو نحوها، فلم يزل به رفيقه حتى أخبره بشأن الأعرابية، فوضع السفرة وجعل يبكي بكاء شديدًا؛ فقال له سليمان: أنت ما يبكيك؟ قال: أنا أحق بالبكاء منك، قال : فلِمَ؟ قال: لأني أخشى أن لو كنت مكانك لما صبرت عنها قال: فما زالاً يبكيان، قال: فلما انتهى سليمان إلى مكة، وطاف وسعى أتى الحجر واحتبى بثوبه فنعس، فإذا رجل وسيم جميل طوال شرجب له شارة حسنة ورائحة طيبة؛ فقال له سليمان من أنت رحمك الله؟ قال: أنا يوسف بن يعقوب، قال: يوسف الصديق؟ قال: نعم، قلت: إن في شأنك وشأن امرأة العزيز لشأنا عجيبًا؛ فقال له يوسف: شأنك وشأن صاحبة الأبواه أعجب.
وروي عن يونس بن يوسف عن سليمان بن يسار، قال: تفرق الناس عن أبي هريرة؛ فقال له ناتل أخو أهل الشام يا أبا هريرة حدثنا حديثاً سمعته من رسول الله ﷺ قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: «إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى فِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَلَاثَةُ رِجَالٍ: رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأْتِيَ بِهِ اللَّهُ وَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: قَاتَلْتُ فِي سَبِيلِكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ، قَالَ: كَذَبْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَرِيء؛ فَقَدْ قِيلَ، فَأُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ تَعَلَّمَ الْعِلْمَ وَقَرَأَ الْقُرْآنَ فَايَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا، قَالَ: مَا عَمِلْتَ فِيهَا؟ قَالَ: تَعَلَّمْتُ الْعِلْمَ وَقَرَأْتُ الْقُرْآنَ وَعَلَّمْتُهُ فِيكَ، قَالَ: كَذَبْتَ إِنَّمَا أَرَدَّتَ أَنْ يُقَالَ فُلَانٌ عَالِمٌ وَفُلَانٌ فَارِيِّ، فَقَدْ قِيلَ، فَأُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ إِلَى النَّارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ فَأْتِيَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا؛ فَقَالَ: مَا عَمِلْتَ مَا فِيهَا؟ فَقَالَ: مَا تَرَكْتُ مِنْ شَيْءٍ تُحِبُّ أَنْ يُنْفَقَ فِيهِ إِلَّا أَنْفَقْتُ فِيهِ لكَ، قَالَ: كَذَبْتَ إِنَّمَا أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ: فُلَانٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ، فَأمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِيَ فِي النَّارِ». هذا حديث صحيح، متفق عليه من حديث ابن جريج.
وروي عن صفوان بن سليم عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله : مَا عُبِدَ اللَّهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلُ مَنْ فِقْهِ فِي دِينِ». قال أبو هريرة: لئن أتفقه ساعة أحب إلي من أن أحيي ليلة أصليها حتى أصبح، ولفقيه واحد أشد على الشيطان من ألف عابد، ولكل شيء دعامة، ودعامة الدين الفقه.
وروي عن محمد بن عجلان عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله: الْإِيمَانُ ثَلَاثَةٌ، وَالْأَمَانَةُ ثَلَاثَةٌ: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ، وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ أَوَّهُمْ وَآخِرَهُمْ، وَعَلِمَ أَنَّهُ مَبْعُوثُ، وَالْأَمَانَةُ اثْتَمَنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَبْدَ عَلَى الصَّلَاةِ، إِنْ شَاءَ قَالَ: صَلَّيْتُ وَلَمْ يُصَلِّ، وَانْتَمَنَهُ عَلَى الْوُضُوءِ، إِنْ شَاءَ قَالَ: تَوَضَّأْتُ وَلَمْ يَتَوَضَّأَ، وَاثْتَمَنَهُ عَلَى الصِّيَامِ، فَإِنْ شَاءَ قَالَ: صُمْتُ وَلَمْ يَصُمْ».