التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم المعطى ما تمنى حمل العلم عنه إذا فيه تعنى مكن من الطاعة فاكتسب، وامتحن بالمحنة فاحتسب، عروة بن الزبير بن العوام، المجتهد المتعبد الصوَّام، وقد قيل : إن التصوف عرفان المنن، وكتمان المحن».
مناقبه ومروياته:
روي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه قال: اجتمع في الحجر مصعب بن الزبير، وعروة بن الزبير، وعبد الله بن الزبير وعبد الله بن عمر فقالوا : تمنوا فقال عبد الله بن الزبير :أما أنا فأتمنى الخلافة، وقال عروة: أما أنا فأتمنى أن يؤخذ عني العلم، وقال مصعب: أما أنا فأتمنى إمرة العراق والجمع بين عائشة بنت طلحة وسكينة بنت الحسين، وقال عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما: أما أنا فأتمنى المغفرة، قال: فنالوا كلهم ما تمنوا، ولعل ابن عمر قد غفر له.
وروي عن الزهري عن عروة : أنه كان يتألف الناس على حديثه قال عمرو بن دينار: أتيناه؛ فقال: ائتوني، فتلقوا مني.
وروي عن ابن أبي الزناد، قال: قال عروة بن الزبير: كنا نقول: لا نتخذ كتاباً بعد کتاب الله، فمحوت كتبي، فوالله لوددت أن كتبي عندي، إن كتاب الله قد استمرت مريرته.
وروي عن محمد بن الضحاك، قال: أستودع عروة بن الزبير طلحة بن عبيد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق مالا من مال بني مصعب بن الزبير لما خرج إلى الشام وأم طلحة عائشة بنت طلحة بن عبد الله، فبلغ عروة أن طلحة يبني ويبتاع الرقيق والإبل والغنم، فلما قدم كره أن يكشفه، وأن يقتضيه المال، فجعل يلقاه ويستحي من تقاضيه؛ فقال له طلحة ذات يوم ألا تريد مالك؟ فقال: بلى قال: فأرسل فخذه، فقال عروة متى؟ قال: متى شئت، فبعث معه عروة رسولًا، فإذا هو قد هدم عليه بيتا فاستخرج المال، فأتى به، فتمثل عروة عند ذلك:
فَمَا اسْتَخْبَاتْ فِي رَجُلٍ خَبِيْنًا كَمِثْلِ الدِّيْنِ أَوْ حَسَبٍ عَيْنِ
ذَوُو الْأَحْسَابِ أَكْرَمُ مَا تُرَاتُ وَأَصْبَرُ عِنْدَ نَائِبَةِ الْحُقُوقِ
وروي عن هشام بن عروة، قال: قال عروة بن الزبير رب كلمة ذل احتملتها، أورثتني عزا طويلًا.
وروي عن هشام بن عروة عن أبيه قال: إذا رأيت الرجل يعمل الحسنة فاعلم أن لها عنده أخوات، فإذا رأيته يعمل السيئة فاعلم أن لها عنده أخوات، فإن الحسنة تدل على أخواتها، وإن السيئة تدل على أخواتها.
وروي عن هشام بن عروة، قال: قال عروة لبنيه: يا بني لا يهدين أحدكم إلى ربه عز وجل ما يستحي أن يهديه إلى كريمه، فإن الله عز وجل أكرم الكرماء، وأحق من أختير إليه، وكان يقول: يا بني تعلموا، فإنكم إن تكونوا صغراء قوم عسى أن تكونوا كبراءهم، واسوأتاه. ماذا أقبح من شيخ جاهل؟! وكان يقول: إذا رأيتم خلة شر رائعة من رجل، فاحذروه، وإن كان عند الناس رجل صدق، فإن لها عنده أخوات، وإذا رأيتم خلة خير رائعة من رجل ، فلا تقطعوا عنه إياسكم ، وإن كان عند الناس رجل سوء فإن لها عنده أخوات، قال: الناس بأزمنتهم أشبه منهم بآبائهم وأمهاتهم.
وروي عن هشام، قال: كان عروة يقول: إني لأعشق الشرف كما أعشق الجمال، فعل الله بفلانة ألفت بني فلان، وهم بيض طوال، فقلبتهم سودا قصارًا.
وروي عن أبي معاوية الضرير، قال: ثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: مكتوب في الحكمة: لتكن كلمتك طيبة، وليكن وجهك بسطا، تكن أحب إلى الناس ممن يعطهم العطاء.
وروي عن بن محارب قال: قدم عروة بن الزبير على الوليد بن عبد الملك ومعه ابنه محمد بن عروة، فدخل محمد بن عروة دار الدواب، فضربته دابة فخر، فحمل ميتا، ووقعت في رجل عروة الأكلة، ولم يدع تلك الليلة ورده؛ فقال له الوليد اقطعها، قال: لا، فترقت إلى ساقه؛ فقال له الوليد: اقطعها وإلا أفسدت عليك جسدك، فقطعت بالمنشار، وهو شيخ كبير، فلم يمسكه أحد، وقال: ﴿لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَذَا نَصَبا﴾ [الكهف: ٦٢].