التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم: الناظر المعتبر، والذاكر المعتذر، أبو عبد الله محمد بن المنكدر، اعتذر فابتدر، واعتبر فانشمر. وقيل: إن التصوف اعتبار في انشمار، واعتذار في ابتدار».
مناقبه ومروياته:
روي عن يحيى بن الفضل الأنيسي، قال: سمعت بعض من يذكر عن محمد بن المنكدر: أنه بينا هو ذات ليلة قائم يصلي إذ استبكى وكثر بكاؤه حتى فزع أهله وسألوه : ما الذي أبكاه، فاستعجم عليهم وتمادى في البكاء، فأرسلوا إلى أبي حازم فأخبروه بأمره، فجاء أبو حازم إليه، فإذا هو يبكي، قال: يا أخي ما الذي أبكاك؟ قد رعت أهلك، أفمن علة أم ما بك؟ قال: فقال: إنه مرت بي آية في كتاب الله عز وجل، قال: وما هي؟ قال: قول الله تعالى: ﴿وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا تحْتَسِبُونَ﴾ [الزمر: ٤٧]، قال: فبكى أبو حازم أيضًا معه، واشتد بكاؤهما، قال: فقال بعض أهله لأبي حازم: جئنا بك لتفرج عنه فزدته ، قال: فأخبرهم ما الذي أبكاهما.
وروي عن عتيق بن سالم عن عكرمة عن محمد بن المنكدر : أنه جزع عند الموت؛ فقيل له: لم تجزع؟ فقال: أخشى آية من كتاب الله عز وجل، قال الله تعالى: ﴿وَبَدَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا تحتَسِبُونَ﴾ ، وإني أخشى أن يبدو لي من الله ما لم أكن أحتسب.
وروي عن سفيان، حدثني المنكدر، قال: كان محمد يقوم من الليل فيتوضأ، ثم يدعو؛ فيحمد الله
عز وجل، ويثني عليه، ويشكره، ثم يرفع صوته بالذكر، فقيل له: لم ترفع صو وتك؟ قال: إن لي جارًا يشتكي، يرفع صوته بالوجع، وأنا أرفع صوتي بالنعمة.
وروي عن سفيان قال كان محمد بن المنكدر ربما قام من الليل يصلي ويقول: كم من عين الآن ساهرة في رزء.. وكان له جار مبتلى فكان يرفع صوته من الليل يصيح، وكان محمد يرفع صوته بالحمد، فقيل له في ذلك؛ فقال: يرفع صوته بالبلاء، وأرفع صوتي بالنعمة.
وروي عن مالك بن أنس قال: كان محمد بن المنكدر سيد القُرَّاء، ولا يكاد أحد يسأله عن حديث إلا كان يبكي.
وروي عن أبي يعقوب الجنبي، قال: اجتمعوا حول ابن المنكدر وهو يصلي، وكان رجلا عابدا، فانصرف إليهم، فقال: أتعبتم الواعظين، إلى متى تساقون سوق البهائم؟
وروي عن الحارث الصواف يقول : قال محمد بن المنكدر: كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت.
وروي عن وهيب عن عمر بن محمد بن المنكدر ، قال: كنت أمسك على أبي المصحف، قال: فمرت مولاة له فكلمها، فضحك إليها ، ثم أقبل يقول: إنا لله. إنا الله ، حتى ظننت أنه قد حدث شيء؛ فقلت: ما لك؟ فقال: أما كان لي في القرآن شغل حتى مرت هذه؛ فكلمتها.
وروي عن ابن زيد، قال: أتى صفوان بن سليم إلى محمد بن المنكدر وهو في الموت، قال: فقال: يا أبا عبد الله كأني أراك قد شق عليك الموت؟ قال: فما زال يُهوّن عليه الأمر، وينجلي عن محمد حتى إذ إن وجهه لكأنه المصابيح، ثم قال له :محمد لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك، ثم قضى رحمة الله.
وروي عن أبي عقيل عن محمد بن المنكدر، قال: بلغني إن الجبلين إذا أصبحا نادى أحدهما صاحبه يناديه باسمه؛ فيقول: أي فلان هل بك اليوم ذاكر الله؟ فيقول: نعم؛ فيقول: لقد أقر الله عينك، لكن ما مر بي ذاكر الله عز وجل اليوم.
وروي عن وهيب المكي عن عمر بن محمد بن المنكدر، قال: بينا أنا جالس مع أبي في مسجد رسول الله ﷺ إذ مر بنا رجل يُحدِّث الناس ويفتيهم ويقص، قال: فدعاه أبي، فقال له: يا أبا فلان إن المتكلم يخاف مقت الله عز وجل، وإن المستمع يرجو رحمة الله عز وجل.
وروي عن عمر بن جابر عن محمد بن المنكدر، قال: إن المتكلم يخاف مقت الله، وإن المستخرج يرجو رحمة الله عز وجل.
وروي عن محمد بن سوقة عن محمد بن المنكدر، قال: إن الله تعالى يحفظ العبد المؤمن في ولده، وولد ولده، ويحفظه في دويرته، وفي دويرات حوله، فما يزالون في حفظ وعافية ما كان بين ظهرانيهم.
وروي عن عبد العزيز بن الماجشون قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول : بلغني أن آدم عليا لما مات ابنه، قال: يا حواء مات ابنك، قالت: وما الموت؟ قال: لا يأكل، ولا يشرب، ولا يقوم، ولا يمشي، ولا يتكلم أبدا، قال: فصاحت حواء؛ فقال آدم عليك الرنة، وعلى بناتك، وأنا وبني منها براء.
وروي عن سفيان، قال: صلى ابن المنكدر على رجل، فقيل له: تصلي على فلان؛ فقال: إني أستحي من الله أن يعلم مني أن رحمته تعجز عن أحد من خلقه.
وروي عن أبي معشر ، قال: بعث محمد بن المنكدر إلى صفوان بن سليم بأربعين دينارا، ثم قال لبنيه: يا بني ما ظنكم به برجل فرغ صفوان لعبادة ربه عز وجل؟
وروي عن محمد بن سوقة، قال: سمعت محمد بن المنكدر يقول : نعم العون على تقوى الله عز وجل الغنى.
وروي عن عثمان ابن واقد، قال: قيل لمحمد بن المنكدر أي الدنيا أحب إليك؟ قال: الإفضال على الإخوان.
وروي عن سفيان بن وكيع، قال: سمعت سفيان يقول لمحمد بن المنكدر ما بقي من لا لذتك ؟ قال : لقاء الإخوان، وإدخال السرور عليهم.
وروي عن أبي معشر، قال: كان محمد بن المنكدر ،يمني، وكان سيدا يطعم الطعام، ويجتمع عندها
القراء.
وروي عن سفيان عن محمد بن المنكدر، قال: إن من موجبات المغفرة؛ إطعام المسكين السغبان.
وروي عن حماد بن زيد عن أيوب عن محمد بن المنكدر ، قال : يمكنكم من الجنة إطعام الطعام، وطيب الكلام.
وروي عن سفيان، ثنا رجل عن ابن المنكدر أنه سئل : أي الأعمال أحب إليك؟ قال: إدخال السرور على المؤمن، قالوا: فما بقي منك ما تستلذه؟ قال: الإفضال على الإخوان.
وروي عن سفيان بن عيينة عن محمد بن سوقة، قال: كان محمد بن المنكدر يحج وعليه دين، فقيل له: أتحج وعليك دَيْن؟ فقال: الحج أقضى للدين.
وروي عن سفيان، حدثني ابن المنكدر، قال: كان أبي يحج بالصبيان؛ فيقال له: أتحج بالصبيان؟ فقال: نعم، أعرضهم الله تعالى.
وروي عن عبد الله المبارك، قال: قال محمد بن المنكدر : بت أغمز رجل أمي، وبات عمر يصلي، وما يسرني أن ليلتي بليلته.