التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «ومنهم الصالح الباكي، والصائم الظامي، يزيد بن أبان الرقاشي، وقيل : إن التصوف تحمل للتخفف، وتذبل للتشرف.
مناقبه ومروياته:
روي عن سعيد بن عامر، قال: عطش يزيد الرقاشي نفسه أربعين سنة في حر البصرة، ثم قال لأصحابه: تعالوا حتى نبكي على الماء البارد.
وروي عن اللقيطي، قال: جوع يزيد نفسه الله عز وجل ستين عامًا حتى ذبل جسمه، ونهك بدنه، وتغير لونه، وكان يقول: غلبني بطني فما أقدر له على حيلة.
وروي عن أشعث بن سوار، قال: دخلت على يزيد الرقاشي في يوم شديد الحر؛ فقال: يا أشعث. تعال حتى نبكي على الماء البارد في يوم الظمأ، ثم قال: والهفاه. سبقني العابدون، وقطع بي، قال: وكان قد صام ثنتين وأربعين سنة.
وروي عن أبي إسحاق الخميسي، قال: سمعت يزيد الرقاشي يقول: إن المتجوعين الله تعالى في الرعيل الأول يوم القيامة.
وروي عن أبي المطهر السعدي عن يزيد الرقاشي، قال: للأبرار همم تبلغهم أعمال البر، وكفاك بهمة دعتك إلى خير خيرًا.
وروي عن أبي إسحاق الخميسي قال: كان يزيد يقول في قصصه: ويحك يا يزيد من يترضى عنك ربك، ومن يصوم لك أو يصلي لك، ثم يقول: يا معشر إخواني، من القبر بيته، والموت موعده، ألا تبكون؟ فبكى حتى سقطت أشفار عينيه.
وروي عن كنانة بن جبلة الهروي، قال: قال يزيد الرقاشي خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها، وإن لم
يُعمل بها، فإن الله تعالى يقول: ﴿يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ﴾ [الزمر: ١٨] ألا تحمد من فانيًا فيعطيك باقيًا؟ درهم يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف، أما الله عندك مكافأة مطعمك ومسقيك وكافيك؟ حفظك في ليلك، وأجابك في ضرائك، كأنك نسـ الأذن، أو ليلة نسيت وجع العين، أو خوفًا في بر، أو خوفًا في بحر دعوته فاستجاب لك، إنما أنت لص من لصوص الذنوب، كلما عرض لك عارض عانقته، إن سرك أن تنظر إلى الدنيا بما فيها من ذهبها وفضتها وزخارفها فهلم أخبرك، تشيع جنازة فهي الدنيا بما فيها من ذهبها وفضتها وزخارفها، ثم احتمل القبر بما فيه، أما أني لست آمرك أن تحمل تربته، ولكن أمرك أن تحمل فكرته.
وروي عن مسلم أبي عبد الله عن يزيد الرقاشي، قال: إنما سمي نوح علي نوحًا لطول ما ناح على نفسه.
وروي عن الأعمش عن يزيد عن أنس -رضي الله تعالى عنه - قال: قال رسول الله ﷺ: «أَعْظَمُ النَّاسِ هَمَا الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَهْتَمُّ بِأَمْرِ دُنْيَاهُ وَآخِرَتِهِ».
وروي عن الأوزاعي، قال: حدثني يزيد عن أنس -رضي الله تعالى عنه - قال: ذكر رجل عند رسول الله ﷺ فذكروا قوته في الجهاد واجتهاده في العبادة، فإذا هو قد أشرف عليهم؛ فقالوا: هذا الذي كنا نذكره، فقال رسول الله ﷺ إِنِّي لَأَرَى فِي وَجْهِهِ سَفْعَةٌ مِنَ الشَّيْطَانِ»، ثم أقبل فسلَّم عليهم، فقال له رسول الله ﷺ هَلْ حَدَّثْتَ نَفْسَكَ حِينَ أَشْرَفْتَ عَلَيْنَا أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْقَوْمِ أَحَدٌ خَيْرًا مِنْكَ؟». قال: نعم، ثم مضى فاختط مسجدًا، وصفن بين قدميه، فقال رسول الله ﷺ «مَنْ يَقُومُ إِلَيْهِ فَيَقْتَلُهُ؟» قال أبو بكر: أنا، فانطلق إليه فوجده قائما يصلي، فهاب أن يقتله، فرجع إلى رسول الله ﷺ فقال: «مَا صَنَعْتَ؟». قال: وجدته يا رسول الله قائما يصلي، فهبت أن أقتله، فقال رسول الله: «أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَيْهِ فَيَقْتُلَهُ؟». فقال عمر: أنا، فانطلق ففعل كما فعل أبو بكر، فقال رسول الله: «أَيُّكُمْ يَقُومُ إِلَيْهِ فَيَقْتُلَهُ؟». فقال علي: أنا، قال: «أَنْتَ لَهُ إِنْ أَدْرَكْتَهُ فَانْطَلَقَ فوجده قد انصرف، فرجع إلى النبي ﷺ ، فقال له: «مَا صَنَعْتَ؟» قال: وجدته يا رسول الله قد انصرف، فقال رسول الله ﷺ : «هَذَا أَوَّلُ مَنْ يَخْرُجُ مِنْ أُمَنِّي، لَوْ قَتَلْتُهُ مَا اخْتَلَفَ اثْنَانِ بَعْدَهُ مِنْ أُمَّتِي، ثم قال: «إِنَّ بَنِي إِسْرَائِيلَ تَفَرَّقَتْ عَلَى إِحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ، وَإِنَّ أُمَّتِي سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ فِرْقَةٍ كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً».