* السيدة فاطمة بنت مولانا الحسين.
* استدراك حول بنت مولانا الحسين.
* فاطمات القاهـرة رضي الله عنهن.
أولًا: السيدة فاطمة بنت مولانا الحسين
السيدة فاطمة بنت مولانا الإمام الحسين، أخت السيدة سكينة النبوية، وأمها أم إسحاق التيمية بنت طلحة بن عبد الله -على ما حققه البغدادي- وقد كانت دخلت مصر مع عمتها السيدة زينب عام واحد وستين هجرية، ثمَّ رجعت إلى الحجاز مع أختها سُكَينَةَ؛ فتزوجت هناك وأنجبت كما سنفصله، وقد أُخذ اسم فاطمة من الفطام بمعنى القطع، فهي التي فَطَمَهَا -أي قطعها- الله بالحق عن الباطل، وقد ولدت على المشهور عام أربعين هجرية بالمدينة المنورة.
كنيتها وزواجها وأبناؤها:
كانت أشبه الناس بجدتها السيدة فاطمة الزهراء، وكانت فصيحة أديبة كريمة دائمة العبادة، وقد ضَمَّت إليها اليتامى اللائي فقدن الآباء في موقعة كربلاء وغيرها، وكانت أحيانًا تستصحبهن في رحلاتها، وتضم إليها أخريات وآخرين.
قالوا: وكُنَّ معها في عودتها إلى مصر، كما عادت أختها (سُكَيْنَةَ)، حتى ماتت ودفنت بها؛ ولهذا سميت السيدة فاطمة (أم اليتامى).
تَزَوَّجَتْ أولًا من ابن عمها الحسن المثنى بن الحسن السبط بن الإمام علي، وقد أعقبت منه عبدَ الله المحض -أي الخالص العبودية لله- وكان عالمًا شاعرًا هُمَامًا، وهو أبو (إبراهيم الجواد) المدفون رأسه بالمطرية، وأبو زينب المشهورة بـ (فاطمة النبوية) في العباسية.
أمَّا مدفنه هو (أي عبد الله المحض)، فالمشهور -كما قلنا- أنَّه بالقاهرة بحي عابدين، وقد يكون في هذا نظر إذا أخذنا في الاعتبار قول من يقول بأنه مات في سجن أبي جعفر ببغداد؛ فيكون الأرجح قول من يقول: إنَّ عبد الله الذي بمصر إنما هو ولي صالح من نسل عبدِ الله المحض؛ ولهذا نسب إليه أو لقب بلقبه.
ومن أبناء السيدة فاطمةَ غير المحض: إسماعيل الديباج، الذي ينسب إليه آل (طباطبا) بالعراق ومصر وغيرهما، ثم الحسن المثَلَّث، وقد ماتا في سجن أبي جعفر المنصور، بعد أن أعقبا نسلًا طيبًا.
ثم تزوجت فاطمة ثانيًا بعد وفاة الحسن المثنى -زوجها الأول- بـ (عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان)، فولدت له: محمدًا والقاسم.
روايتها للحديث:
وقد روت فاطمة رضي الله عنها بعض أحاديث جدها صلى الله عليه وسلم عن أبيها الحسين، وعن عمتها زينب بنت علي، وعن عبد الله بن عباس، وعن بلال بن رباح... وغيرهم، وعنها روى أبناؤها رضى الله عنها.
وفاتها وقبرها:
وقد توفيت عام 110هـ، وفي قدومها إلى مصر بعد كبرها ودفنها خلاف، وقد حقق شيخ الإسلام الأُجْهُورِيُّ -مؤيدًا بـ«خطط الشهاب الأوحدي»- قدومها إلى مصر ووفاتها بها، ودفنها في سفح المقطم، وهو الأشهر المعتمد، وقد جدد قبرها رضي الله عنها جماعة من أواخرهم عبد الرحمن كَتْخُدَا، وعباس حلمي الثاني.
وعندئذ يكون قبر فاطمة النبوية بالمدينة وقبر فاطمة النبوية بالخليل بالشام من قبور الحفيدات، أو الشريفات الطاهرات اللواتي يحملن اسم (فاطمة) من أهل البيت.
ويقول بعضهم: إنَّ العكس جائز أيضًا؛ لوجود كنية (أم سلمة) على رخامة قبر السيدة فاطمة بسفح المقطم، وليست هذه الكُنْيَة من كنى بنت الحسين، فكنيتها (أم اليتامى)، ومعنى هذا أن أم سلمة فاطمة النبوية الموجود قبرها بسفح المقطم ليست بنت الحسين مباشرة، بل هي حفيدته، غير أن الروحانية والمدد والتواتر والبركة والتجربة ترجح الأول، وهو المعتمد عند أكثر المؤرخين، وعندئذ تكون كنية (أم سلمة) كنية ثانية مع كنية (أم اليتامى) لبنت الحسين رضي الله عنها بالقاهرة.
ثانيًا: استدراك حول الفاطمات
في كلامنا عن مشهد فاطمة النبوية بنت الحسين بسفح المقطم، رجَّحْنَا أن هذا المشهد لها، ولكنَّا لم نقطع بذلك، ثم بعد أن طبعنا هذا الرأي رأيت في نومي بعد ظهر يوم الثلاثاء الثامن والعشرين من رجب المحرم سنة 1362هـ -والرؤيا أمانة- كأنني أزور ضريحها رضي الله عنها، فوجدت باب المقصورة النحاسي مفتوحًا، فدخلت إلى ما بين المقصورة والتابوت، وفي الركن الشرقي الجنوبي رأيت كأن إحدى فتيات العشيرة المحمدية المعروفات بالجمال والتقى، واسمها (فاطمة)، تجلس في هذا الركن، وهي تلبس البياض كأنها في صلاة، فدهشت وسألتها: ماذا جاء بك إلى هنا؟ قالت: وهل تعرفني؟ قلت: وهل أنسى فاطمة ابنتي؟! قالت: لا، أنا فاطمة ابنة الحسين!!.
ثم مضت أيام وأتاني أخي في الله السيد أبو التقى أحمد خليل رحمه الله بنماذج هذه الرسالة؛ لأعيد مراجعتها، فاستبقيتُها لليوم الثاني، وفي ليلةِ الجمعة آخر شهر المحرم سنة 1363هـ، رأيت كأنني أزور مباني الإدارة الجديدة الملحقة بالمشهد الحسيني ومعي بعض الأحبة، وقد أصعدوني لأشاهد القاعة الكبرى في الطابق الثاني، وإذا بهذه القاعة كأنها قاعة الأمير يشبك بالجمالية، وقد فرشت بأروع وأبدع أنواع البُسط والطنافس والمقاعد، وفي صدرها فتاة تجلس على ما يشبه العرش، وقد لبست البياض كذلك، كأنها في صلاة، وظننت أنَّها الدكتورة (فاطمة) ابنة شقيقي السيد وهبي، ولكنها تبدو مشغولة، فذهبت إليها، وهممت أن أربت بيدي على كتفها، وأنا أقول: ما لِك يا فاطمة يا بنتي؟ فإذا بها تمسك يدي قبل أن تمسها، وتقول: ألم أقل لكَ أنا فاطمة بنت الحسين!!.
ولما كنت رأيتها في المنام مرتين في صورة فتاة، تذكرت قوله تعالى عن أهل الجنة: ﴿إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً (35) فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا (36) عُرُبًا أَتْرَابًا﴾ [الواقعة:35-37].
سيقول علماء النفس: إن هذا أثر من حركة العقل الباطن، ولكني أقرر -وأنا على معرفة كاملة بعلم النفس الحديث- أنه ليس كذلك، وإنما هو أثر روحي عميق الجذور، ضارب إلى حقائق مساتير وراء المنظور، وهو من الرؤيا الصادقة بإذن الله.
وعليه أعود فأقرر بالقطع أن عالم البرزخ محيط، وأن مشهدها بالقاهرة هو لجدتنا فاطمة النبوية بنت الحسين، وإن اختلف معي بعض الناس أو كلهم، ثم ما المانع من أن يكون لفاطمة مشهدان: أحدهما حقيقي، والآخر تذكاري؟! ألا ترى كيف نقيم المساجد في مصر ونسميها بأسماء لم يدخل أصحابها مصر أبدًا، والله رب نيات وقلوب!.
ثالثًا: فاطمات القاهرة
وبعد هذا يأتي من الفاطمات النبويات بالقاهرة كل من السيدات:
1- فاطمة النبوية بنت محمد بن إسماعيل بن جعفر الصادق: وقبرها بـ (منطقة الخليفة)، مشهورٌ ويزار.
2- فاطمة النبوية بنت أحمد بن إسماعيل بن محمد بن جعفر الصادق: وقبرها بـ (درب سعادة بباب الخلق)، ذكر المقريزي دخولها مصر، ومشهدها مقصود بالزيارة وطلب البركة، وعليه -رغم تواضعه- نور النبوة، وهي بنت عم فاطمة بنت محمد بن إسماعيل، ويخشى على قبرها الاندثار، كما اندثر كثير من قبور آل البيت، مما يؤسف ويؤذي ويهم.
3- السيدة فاطمة النبوية العيناء ابنة القاسم بن محمد بن جعفر الصادق: وسميت (العيناء)؛ لحسن عيونها وشدة شبهها بجدتها فاطمة الزهراء، ويؤثر عنها كرامات ومناقب شتى.
وقد نقل إلى قبرها المعروف شرقِي قبر الشافعي عدد من الأشراف الحسنيين والكلاثمة، وقبرها يُسْتَجَابُ عنده الدعاء بإذن الله، وعنده تفيض البركات والأمداد، وهذا القبر لسوء الحظ في طريقه إلى النسيان والتلاشي، ككثير غيره من مشاهد وقبور أهل البيت وكبار الأولياء.
4- السيدة فاطمة المحضية: واسمها زينب بنت عبد الله المحض بن الحسن المُثَنَّى بن الحسن السبط بن الإمام علي، وشهرتها فاطمة -على ما ذكره القلعاوي في «مشاهد الصفا»- وقبرها بـ (العباسية) في شارع معروف باسمها هناك.
5، 6- السيدتان فاطمة الصغرى، وفاطمة الكبرى: ذكر السَّخَاوِي أن قبرهما كان بحري قبر العارف أبي بكر الأدفوي بسفح المقطم، ومعها جماعة من الأشراف {، وقد اندثرت هذه القبور جميعًا أو تكاد، فلا يعرفها الآن إلا نادر من المعمرين.