التعريف به:
هو أحد أصحاب سيدنا رسول الله O وأهل الصفة ورواة الحديث الشريف قال عنه أبو نعيم: «وذكر عبد شمس، وقيل: عبد الرحمن بن صخر أبا هريرة الدوسي، وهو أشهر من سكن النبي، ولم ينتقل عنها، وكان عريف من سكن الصفة من الصفة، واستوطنها طول عمر القاطنين، ومن نزلها من الطارقين، كان النبي ﷺ إذا أراد أن يجمع أهل الصفة لطعام حضره تقدم إلى أبي هريرة ليدعوهم
ويجمعهم لمعرفته بهم وبمنازلهم ومراتبهم، كان أحد أعلام الفقراء والمساكين، صبر على الفقر الشديد حتى أفضى به إلى الظل المديد، أعرض عن غرس الأشجار وجري الأنهار، وعن مخالطة الأغنياء والتجار، فارق المنقطع المحدود، منتظرا للمنتفع به من تحف المعبود، زهد في لبس اللين والحرير، فعوض من حكم الفطن الخبير».
أيامه في الإسلام ومروياته:
روي عن مجاهد أن أبا هريرة كان يقول: «والله الذي لا إله إلا هو إن كنت لأعتمد على كبدي من الجوع، وإن كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع، ولقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجون منه، فمر بي أبو بكر ، فسألته عن آية من كتاب الله ما سألته إلا ليستتبعني، فمر ولم يفعل، ثم مر بي عمر، فسألته عن آية من كتاب الله تعالى ما سألته إلا ليستتبعني فمر ولم يفعل، ثم مر بي أبو القاسم وتبسم وعرف ما في نفسي وما في وجهي، ثم قال: «يَا أَبَا هِر»، قلت: لبيك يا رسول الله، قال: «الحق»، ثم مضى، واتبعته فدخل واستأذنت، وأذن لي فدخلت، فوجد لبنا في قدح، فقال: «مِنْ أَيْنَ هَذَا اللَّبَنُ؟»، فقالوا: أهداه لك فلان أو فلانة، فقال: «يَا أَبَا هِر» فقلت: لبيك يا رسول الله، قال: «الحَقِّ أَهْلَ الصُّفَةِ فَادْعُهُم»، قال: وأهل الصفة أضياف الإسلام، لا يلون على أحد ولا مال إذا أتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئًا، وإذا أتته هدية أرسل إليهم، وأصاب منها وأشركهم فيها».
وروي عن أبي حازم عن أبي هريرة، قال: كنت في سبعين رجلًا من أصحاب الصفة، ما منهم رجل عليه رداء؛ إما بردة أو كساء، قد ربطوها في أعناقهم.
وروي عن عامر عن أبي هريرة قال: كنت من أصحاب الصفة، فظللت صائما، فأمسيت وأنا أشتكي بطني، فانطلقت لأقضي حاجتي؛ فجئت وقد أكل الطعام، وكان أغنياء قريش يبعثون بالطعام إلى أهل الصفة، فقلت: إلى من؟ فقال: إلى عمر بن الخطاب؛ فأتيته وهو يسبح بعد الصلاة، فانتظرته فلما انصرف دنوت منه فقلت أقرئني وما أريد إلا الطعام، قال: فأقرأني آيات من سورة آل عمران، فلما بلغ أهله دخل وتركني على الباب، فأبطأ، فقلت: ينزع ثيابه ثم يأمر لي بطعام، فلم أر شيئًا، فلما طال علي قمت فمشيت، فاستقبلني رسول الله ﷺ فقال: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ إِنَّ خَلُوْفَ فَمِكَ اللَّيْلَةُ لَشَدِيْدِ»، فقلت: أجل يا رسول الله، لقد ظللت صائما، وما أفطرت بعد، وما أجد ما أفطر عليه قال فانطلق فانطلقت معه حتى أتى بيته فدعا جارية له سوداء، فقال: «آتينا بِتِلْكَ الْقَصْعَة»، قال: فأتتنا بقصعة فيها وضر من طعام، أراه شعيرا قد أُكل وبقي في جوانبها بعضه، وهو يسير؛ فسميت وجعلت أتتبعه، فأكلت حتى شبعت».
وروي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: لقد رأيتني أصرع بين منبر رسول الله ﷺ وبين حجرة عائشة رضب الله تعالى عنها فيقول الناس إنه مجنون، وما بي جنون، ما بي إلا الجوع.
وروي عن سعيد وأبي سلمة أن أبا هريرة قال: «إنكم تقولون: إن أبا هريرة يكثر الحديث عن النبي ﷺ ، وتقولون: ما للمهاجرين والأنصار لا يُحدِّثون عن النبي ﷺ مثل حديث أبي هريرة، وإن إخواني من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق، وكان يشغل إخواني من الأنصار عمل أموالهم، وكنت امرءًا مسكينًا من مساكين الصفة، ألزم النبي ﷺ على ملء بطني، فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون».
وروي عن محمد بن سيرين، قال: كنا عند أبي هريرة، وعليه ثوبان ممشقان، فتمخط فيهما، وقال: بخ بخ أبو هريرة، يتمخط في الكتان، لقد رأيتني بين منبر رسول الله ﷺ وحجرة عائشة أخر مغشيا علي
فيجيء الجائي، فيقعد على صدري، فأقول: إنه ليس بي ذاك، إنما هو الجوع.
وروي عن المقبري عن أبي هريرة قال: إن الناس يقولون: يكثر أبو هريرة، وإني كنت والله ألزم رسول الله O ليشبع بطني حتى لا آكل الخمير، ولا ألبس الحرير، ولا يخدمني فلان وفلانة، وكنت ألصق بطني بالحصا من الجوع، وأستقرئ الرجل آية من كتاب الله هي معي كي ينقلب بي فيطعمني.
وروي عن قيس عن أبي هريرة، قال : لما قدمت على النبي ﷺ قلت في الطريق: «يَا لَيْلَة مِنْ طُوْتِهَا وَعَنَائِهَا عَلَى أَنَّهَا مِن دَارَةِ الْكُفْرِ نَجَت» قال: وأبق لي غلام في الطريق، فلما قدمت على رسول الله فبايعته، فبينا أنا عنده إذ طلع الغلام، فقال: يا أبا هريرة. هذا غلامك؟ فقلت: هو حر لوجه الله؛ فأعتقته.
وروي عن سليم بن حيان قال: سمعت أبي يُحدّث عن أبي هريرة، قال: نشأت يتيما، وهاجرت مسكينا، وكنت أجيرا لابنة غزوان بطعام بطني وعقبة رجلي، أحدو بهم إذا ركبوا، وأحتطب إذا نزلوا، فالحمد لله الذي جعل الدين قوامًا، وجعل أبا هريرة إماما .
وروي عن أبي الربيع عن أبي هريرة أنه قال: هذه الكناسة مهلكة دنياكم وآخرتكم.
وروي عن سعيد بن أبي هند عن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ قال: «أَلَا تَسْأَلُنِي مِنْ هَذِهِ الْغَنَائِمِ الَّتِي يَسْأَلُنِي أَصْحَابُكَ؟»، فقلت: أسألك أن تعلمني مما علمك الله، قال: فنزعت نمرة على ظهري فبسطتها بيني وبينه حتى كأني أنظر إلى القمل يدب عليها، فحدثني حتى إذا استوعبت حديثه، قال: «اجْمَعْهَا فَصُرَّهَا إِلَيْكَ»، فأصبحت لا أسقط حرفًا مما حدثني.
وروي عن يزيد بن الأصم يقول: سمعت أبا هريرة يقول: يقولون: أكثرت يا أبا هريرة، والذي نفسي بيده لو حدثتكم بكل ما سمعته من رسول الله ﷺ لور ميتموني بالقشع، ثم ما ناظرتموني».
وروي عن أبي عثمان النهدي أنه قال: تضيفت أبا هريرة سبع ليال، فقلت له: كيف تصوم؟ أو كيف صيامك يا أبا هريرة؟ قال: أما أنا فأصوم أول الشهر ثلاثا، فإن حدث لي حدث كان لي أجر شهري.
وروي عن نعيم بن المحررة بن أبي هريرة عن جده أبي هريرة أنه كان له خيط فيه ألفا عقدة؛ فلا ينام حتى يُسبح به».
وروي عن سالم بن بشر بن جحل أن أبا هريرة بكى في مرضه؛ فقيل له: ما يبكيك؟ فقال: أما إني لا أبكي على دنياكم هذه ، ولكني أبكي على بعد سفري، وقلة زادي، وأني أصبحت في صعود مهبط على جنة ونار، لا أدري أيهما يؤخذ بي.
الرئيسة