التعريف به:
هو أحد سادات التابعين الكرام قال عنه أبو نعيم: «فأما أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي، كان من الممتحنين، امتحن فلم تأخذه في الله لومة لائم، صاحب عبادة وجماعة، وعفة وقناعة، وكان كاسمه بالطاعات سعيدا، ومن المعاصي والجهالات بعيدا، وقد قيل: إن التصوف التمكن من الخدمة، والتحفظ للحرمة».
مناقبه ومروياته:
روي عن معمر عن بكر بن خنيس، قال: قلت لسعيد بن المسيب - وقد رأيت أقوامًا يصلون ويتعبدون - : يا أبا محمد، ألا تتعبد مع هؤلاء القوم؟ فقال لي: يا ابن أخي. إنها ليست بعبادة، قلت له : فما التعبد يا أبا محمد؟ قال: التفكر في أمر الله، والورع عن محارم الله، وأداء فرائض الله تعالى.
وروي عن صالح بن محمد بن زائدة: أن فتية من بني ليث كانوا عُبَادًا، وكانوا يروحون بالهاجرة إلى المسجد، ولا يزالون يصلون حتى يصلى العصر؛ فقال صالح لسعيد: هذه هي العبادة؟ لو نقوى على ما يقوى عليه هؤلاء الفتيان؛ فقال سعيد: ما هذه العبادة، ولكن العبادة التفقه في الدين، والتفكر في أمر الله تعالى.
وروي عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن المسيب قال: من حافظ على الصلوات الخمس في جماعة فقد ملأ البر والبحر عبادة.
وروي عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب: أنه اشتكى عينه؛ فقيل له: يا أبا محمد لو خرجت إلى العقيق، فنظرت إلى الخضرة، فوجدت ريح البرية؛ لنفع ذلك بصرك، فقال سعيد : فكيف أصنع بشهود العتمة والصبح.
وروي عن ابن حرملة عن سعيد بن المسيب أنه قال: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة.
وروي عن أبي سهل وهو عثمان بن حكيم، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.
وروي عن ميمون بن مهران أن سعيد بن المسيب مكث أربعين سنة لم يلق القوم قد خرجوا من المسجد وفرغوا من الصلاة.
وروي عن عبد الرحمن بن حرملة عن برد مولى بن المسيب قال: ما نودي للصلاة منذ أربعين سنة إلا وسعيد في المسجد.
وروي عن إسماعيل بن أمية عن سعيد بن المسيب، قال: ما دخل عليَّ وقت صلاة إلا وقد أخذت أهبتها، ولا دخل على قضاء فرض إلا وأنا إليه مشتاق.
وروي عن قتادة قال: قال سعيد بن المسيب ذات يوم: ما نظرت في أقفاء قوم سبقوني بالصلاة منذ عشرين سنة.
وروي عن الأوزاعي قال: كانت لسعيد بن المسيب فضيلة لا نعلمها كانت لأحد من التابعين لم تفته الصلاة في جماعة أربعين سنة، عشرين منها لم ينظر في أقفية الناس.
وروي عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه، قال صلى سعيد بن المسيب الغداة بوضوء العتمة خمسين سنة، وقال سعيد بن المسيب: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة، وما نظرت في قفا رجل في الصلاة منذ خمسين سنة.
وروي عن خالد بن داود عن سعيد بن المسيب قال: وسألته ما يقطع الصلاة؟ قال: الفجور، ويسترها التقوى.
وروي عن يزيد بن أبي حازم أن سعيد بن المسيب كان يسرد الصوم.
وروي عن ابن حرملة، قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: لقد حججت أربعين حجة.
وروي عن عمران بن عبد الله بن طلحة الخزاعي، قال: إن نفس سعيد بن المسيب كانت أهون عليه في ذات الله من نفس ذباب.
وروي عن محمد بن محمد، قال: ثنا سعيد بن المسيب قال: ما أكرمت العباد أنفسها بمثل طاعة الله عز وجل، ولا أهانت أنفسها بمثل معصية الله، وكفى بالمؤمن نصرة من الله أن يرى عدوه يعمل بمعصية الله.
وروي عن ابن حرملة، قال: خرج سعيد بن المسيب في ليلة مطر وطين وظلمة منصرفًا من العشاء؛ فأدركه عبد الرحمن بن عمرو بن سهل ومعه غلام معه سراج، فسلم عليه عبد الرحمن ومشيا يتحدثان حتى إذا حاذى عبد الرحمن بداره انصرف إليها؛ فقال للغلام: امش مع أبي محمد بالسراج، فقال سعيد: لا حاجة لي بنوركم، نور الله خير من نوركم.
وروي عن حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد أن سعيد بن المسيب كان يكثر أن يقول في مجلسه: اللهم سلم سلم.
وروي عن ابن حرملة قال حفظت صلاة ابن المسيب وعمله بالنهار؛ فسألت مولاه عن عمله بالليل، فأخبرني؛ فقال: وكان لا يدع أن يقرأ بصاد والقرآن كل ليلة، فسألته عن ذلك، فأخبر أن رجلا من الأنصار صلى إلى شجرة فقرأ بصاد، فلما مر بالسجدة سجد وسجدت الشجرة معه، فسمعها تقول: اللهم أعطني بهذه السجدة أجرًا، وضع عني بها وزرا، وارزقني بها شكرًا، وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود.
الرئيسة