حدث عنه: أهله معاذة؛ والحسن، وحميد بن هلال، وثابت البناني، وغيرهم.
روى جعفر بن سليمان: عن يزيد الرشك، عن معاذة، قالت: كان أبو الصهباء يصلي حتى ما يستطيع أن يأتي فراشه إلا زحفا.
قال حماد بن سلمة: أخبرنا ثابت: أن صلة كان في الغزو، ومعه ابنه، فقال: أي بني ! تقدم، فقاتل حتى أحتسبك، فحمل، فقاتل، حتى قتل، ثم تقدم صلة، فقتل، فاجتمع النساء عند امرأته معاذة، فقالت: مرحبا إن كنتن جئتن لتهنئنني، وإن كنتن جئتن لغير ذلك، فارجعن.
كم روى جرير بن حازم: عن حميد بن هلال، عن صلة، قال: خرجنا في قرية وأنا على دابتي في زمان فيوض الماء، فأنا أسير على مسناة ـ أي سد يبنى للسيل ليرد ّ الماء ـ فسرت يوما لا أجد ما آكل، فلقيني علج ـ العلج : الرجل من كفار العجم ـ، يحمل على عاتقه شيئا، فقلت: ضعه، فإذا هو خبز.
قلت: أطعمني. فقال: إن شئت ولكن فيه شحم خنزير، فتركته.
ثم لقيت آخر، فقلت: أطعمني. قال: هو زادي لأيام. فإن نقصته، أجعتني.فتركته.
فوالله إني لأسير، إذ سمعت خلفي وجبة كوجبة الطير، فالتفتُ، فإذا هو شئ ملفوف في سب ـ أي خمار ـ أبيض، فنزلت إليه، فإذا دوخلة ـ أي زنبيل ـ من رطب في زمان ليس في الأرض رُطبة، فأكلت منه، ثم لففت ما بقي، وركبت الفرس، وحملت معي نواهن. قال جرير بن حازم: فحدثني أوفى بن دلهم قال: رأيت ذلك السِّب ـ أي الخمار ـ مع امرأته فيه مصحف، ثم فقد بعد.فهذه كرامة ثابتة
روى ابن المبارك عن حماد بن جعفر بن زيد، أن أباه أخبره، قال: خرجنا في غزاة إلى كابُل، وفي الجيش صلة، فنزلوا، فقلت: لأرمقن عمله، فصلى، ثم اضطجع، فالتمس غفلة الناس، ثم وثب، فدخل غيضة، فدخلتُ، فتوضأ وصلى، ثم جاء أسد حتى دنا منه، فصعدتُ شجرة، أفتراه التفت إليه حتى سجد ؟ فقلت: الآن يفترسه فلا شئ، فجلس، ثم سلم.
فقال: يا سبع ! اطلب الرزق بمكان آخر.
فولى وإن له زئيرا أقول، تصدّع منه الجبل، فلما كان عند الصبح، جلس، فحمد الله بمحامد لم أسمع بمثلها، ثم قال: اللهم إني أسألك أن تجيرني من النار، أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة.
ابن المبارك: عن السري بن يحيى، حدثنا العلاء بن هلال، أن رجلا قال لصلة: يا أبا الصهباء ! رأيت أني أُعطيت شهدة، وأعطيت شهدتين، فقال: تُستشهد وأنا وابني، فلما كان يوم يزيد بن زياد، لقيتهم الترك بسجستان، فانهزموا.
وقال صلة: يا بني ارجع إلى أمك.
قال: يا أبه، تريد الخير لنفسك، وتأمرني بالرجوع ! قال: فتقدم، فتقدم، فقاتل حتى
أصيب، فرمى صلة عن جسده، وكان راميا، حتى تفرقوا عنه، وأقبل حتى قام عليه، فدعا له، ثم قاتل حتى قتل .
قال الذهبي: وكانت هذه الملحمة سنة اثنتين وستين رحمهما الله تعالى.
______________
* انظر ترجمته في : طبقات ابن سعد (7/ 134) ، التاريخ الكبير للبخاري ( 4/ 321) ، الحلية(2 / 237) ، صفة الصفوة (3/216) ، الوافي بالوفيات (16/330) ، تاريخ الإسلام (3 / 19)، البداية والنهاية (9/ 15) .سير أعلام النبلاء (3/497) ، الطبقات الكبرى للشعراني (1/35 ) ، طبقات الصوفية للمناوي (1/332).