التائه الوحيد الهائم الفريد البسطامي أبو يزيد تاه فغاب وهام فآب غاب عن المحدودات إلى موجد المحسوسات والمعدومات فارق الخلق ووافق الحق فأيد بأخلاء الخير وأمد باستيلاء البر إشارته هانئة وعباراته كامنة لعارفيها ضامنة ولمنكريها فاتنة ، طيفور بن عيسى بن سروشان. وكان جده سروشان هذا مجوسيا، فأسلم. وهم ثلاثة إخوة: آدم، وطيفور، وعلى. وكلهم كانوا زهادا، عبادا، أرباب أحوال. وهو من أهل بسطام.
مات سنة إحدى وستين ومآئتين، على ما سمعت عبد الله بن على، يقول:سمعت طيفور بن عيسى الصغير، يقول: سمعت عميا البسطامى، يقول: سمعت أبى، يقول: " مات أبو يزيد، سنة إحدى وستين ومائتين " .
وسمعت الحسين بن يحيى، يقول: " مات أبو يزيد سنة أربع وثلاثين ومائتين. " والله أعلم به.
وأسند الحديث :
1 - أخبرنا أبو الحسن، منصور بن عبد الله الديمرتى، ببغداد، قال: سأل أبو عمرو، عثمان بن جحدة بن درامهم، الكازرونى، بها ،قال:أخبرنا أبو الفتح ،أحمد بن الحسن بن محمد بن سهل، المصرى، المعروف بابن الحمصى الواعظ بالبصرة، قال: حدثنا على بن جعفر البغدادى، قال: قال أبو موسى الديبلى؛ حدثنا أبو يزيد البسطامى؛ حدثنا أبو عبد الرحمن السدى؛ عن عمرو بن قيس الملائى، عن عطية العوفي؛ عن أبى سعيد الخدرى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(إن من ضعف اليقين أن ترضى الناس بسخط الله، وأن تحمدهم على رزق الله، وأن تذمهم على ما لم يؤتك الله. إن رزق الله لا يجره حرص حريص، ولا يرده كره كاره.إن الله، بحكمته وجلاله، جعل الروح والفرح في اليقين والرضا؛ وجعل الهم والحزن في الشك والسخط)
2 - سمعت الحسن بن على بن حيوية الدامغانى، يقول: سمعت الحسن بن علويه، يقول: قال أبو يزيد: " قعدت ليلة في محرابى، فمددت رجلى، فهتف بى هاتف: من يجالس الملوك ينبغى أن يجالسهم بحسن الأدب " .
3 - وبه قال: سئل أبو يزيد عن درجة العارف، فقال: " ليس هناكدرجة. بل أعلى فائدة العارف وجود معروفه " .
4 - قال، وقال أبو يزيد: " العابد يعبده بالحال، والعارف الواصل يعبده في الحال " .
5 - قال، وسئل أبو يزيد: " بماذا يستعان على العبادة؟ " فقال: " بالله! إن كنت تعرفه " .
6 - قال، وقال أبو يزيد: " أدنى ما يجب على العارف، ان يهب له ما قد ملكه " .
7 - قال: وقال أبو يزيد: " من ادعى الجمع بابتلاء الحق، يحتاج أن يلزم نفسه علل العبودية " .
8 - سمعت منصور بن عبد الله، يقول: سمعت أبا عمران، موسى بن عيسى، المعروف بعمى، يقول: سمعت أبى يقول: أذن أبو يزيد مرة، ثم أراد أن يقيم، فنظر في الصف، فرأى رجلا عليه أثر سفر، فتقدم إليه، فكلمه بشيء، فقام الرجل، وخرج من المسجد، فسأله بعض من حضر، فقال الرجل: " كنت في السفر، فلم أجد الماء، فتيممت، ونسيت ودخلت المسجد، فقال لى أبو يزيد: لا يجوز التيمم في الحضر؛ فذكرت ذلك، وخرجت " .
9 - قال،وقال أبو يزيد: " عمنت في المجاهدة ثلاثين سنة، فما وجدت شيئا أشد على من العلم ومتابعته؛ ولولا اختلاف العلماء لبقيت. واختلاف العلماء رحمة، إلا في تجريد التوحيد " .
10 - قال، وقال أبو يزيد: " لا يعرف نفسه من صحبته شهوته " .
11 - قال، وقال أبو يزيد: " الجنة لا خطر لها عند أهل المحبة. وأهل المحبة محجوبون بمحبتهم " .
12 - سمعت أبا عمرو محمد بن أحمد بن حمدان ، يقول: وجدت بخط أبى: " سمعت أبا عثمان، سعيد بن إسماعيل، يقول: قال أبو يزيد: " من سمع الكلام ليتكلم مع الناس، رزقه الله فهما يكلم به الناس؛ ومن سمعه ليعامل الله به في فعله، رزقه الله فهما يناجى به ربه عز وجل " .
13 - قال، وقال أبو يزيد: " اطلع الله على قلوب أوليائه، فمنهم من لم يكن يصلح لحمل المعرفة صرفا، فشغلهم بالعبادة " .
14 - قال، وقال أبو يزيد: " كفر أهل الهمة أسلم من إيمان أهل الجنة " .
15 - قال،وسئل أبو يزيد: " بماذا نالوا المعرفة؟ " . قال: " بتضييع ما لهم، والوقوف مع ماله " .
16 - سمعت أبا نصر الهروى، يقول سمعت يعقوب بن إسحاق، يقول: سمعت إبرهيم الهروى، يقول : سمعت أبا يزيد يقول: " هذا فرحى بك وأنا أخافك!. فكيف فرحى بك إذا أمنتك؟! " .
17 - وبهذا الأسناد، قال:سمعت أبا يزيد يقول: " يا رب! أفهمني عنك، فإني لا أفهم عنك إلا بك " .
18 - قال، وقال أبو يزيد: " عرفت الله بالله، وعرفت ما دون الله بنور الله عز وجل " .
19 - سمعت منصور بن عبد الله، يقول: سمعت يعقوب بن اسحاق، يقول: سمعت ابرهيم الهروى، يقول: سمعت أبا يزيد البسطامي - وسئل: " ما علامة العارف؟ " . فقال: " ألا يفتر من ذكره، ولا يمل من حقه، ولا يستأنس بغيره " 20 - قال، وقال أبو يزيد: " إن الله تعالى أمر العباد ونهاهم، فأطاعوه، فخلع عليهم خلعه، فاشتغلوا بالخلع عنه، وإني لا أريد من الله إلا الله " .
21 - قال، وقال أبو يزيد: " غلطت في ابتدائي في أربعة أشياء: توهمت أنى أذكره،وأعرفه،وأحبه، وأطلبه. فلما انتهيت،رأيت ذكره سبق ذكرى، ومعرفته تقدمت معرفتي، ومحبته أقدم من محبتي، وطلبه لي أولا حتى طلبته " .
22 - سمعت أبا الفرج الورثانى، عبد الواحد بن بكر، يقول:قال الحسن بن ابرهيم الدامغانى: حدثنا موسى بن عيسى، قال:سمعت أبى يقول:سمعت أبا يزيد يقول: " اللهم إنك خلقت هذا الخلق بغير علمهم، وقلدتهم أمانة من غير إرادتهم؛ فإن لم تعنهم فمن يعينهم؟! " .
23 - سمعت أبا الحسن، على بن محمد، القزوينى الصوفي، يقول: سمعت أبا الطيب العكى، يقول: سمعت ابن الأنبارى، يقول: قال بعض تلامذة أبى يزيد: قال لى أبو يزيد البسطامي: " إذا صحبك إنسان، وأساء عشرتك، فادخل عليه بحسن أخلاقك يطيب عيشك. وإذا أنعم عليك، فابدأ بشكر الله عز وجل، فإنه الذي عطف عليك القلوب. وإذا ابتليت فأسرع الاستقالة؛ فإنه القادر على كشفها، دون سائر الخلق. "
24 - سمعت عبد الواحد بن بكر، يقول: سمعت القناد، يقول: قال أبو موسى الديبلى، سمعت أبا يزيد البسطامى، يقول: " إن الله يرزق العباد الحلاوة، فمن أجل فرحهم بها يمنعم القرب " .
25 - سمعت أحمد بن على بن جعفر، يقول: سمعت الحسن بن علويه، يقول: قال أبو يزيد: " المعرفة ذات الحق جهل، والعلم في حقيقة المعرفة حيرة، والإشارة - من الشير - شرك في الإشارة. وأبعد الخلق من الله، أكثرهم إشارة إليه .
26 - سمعت أبا الحسين الفارسي، يقول: سمعت الحسن بن علويه، يقول: سئل أبو يزيد: " بأي شيء وجدت هذه المعرفة؟ " . فقال: " ببطن جائع، وبدن عار " .
27 - وبإسناده، قال أبو يزيد: " العارف همه ما يأمله، والزاهد همه ما يأكله " .
28 - وبإسناده، و بإسناده، قال أبو يزيد: " طوبى لمن كان همه هما واحدا، و لم يشغل قلبه بما رأت عيناه، و سمعت أذناه " .
29 - و بإسناده، قال أبو يزيد: " من عرف الله فإنه يزهد في كل شيء يشغله عنه " .
30 - و بإسناده قال: سئل أبو يزيد عن السنة و الفريضة. فقال: " السنة ترك الدنيا، و الفريضة الصحبة مع المولى؛ لأن السنة كلها تدل على ترك الدنيا، و الكتاب كله يدل على صحبة المولى. فمن تعلم السنة و الفريضة فقد كمل " .
31 - و بإسناده، قال أبو يزيد: " النعمة أزلية، يجب أن يكون لها شكر أزلي " .
راجع : [طبقات الصوفية]