ذو النون بن إبراهيم المصري؛ العلم المضي والحكم المرضي الناطق بالحقائق، الفائق للطرائق، له العبارات الوثيقة والإشارات الدقيقة. نظر فعبر وذكر فازدجر ، أبو الفيض. ويقال: ثوبان بن إبرهيم، وذو النون لقب. ويقال:الفيض بن إبراهيم.
سمعت عليا بن عمر بن أحمد بن مهدى الحافظ، ببغداد، يقول:أخبرني الحسين بن أحمد بن الماذرائى، قال:قرأعلى أبو عمر الكندى،في كتابه " أعيان الموالى " ،فذكر فيه: " ومنهم ذو النون بن إبراهيم الأخمينى؛مولى لقريش؛وكان أبوه إبراهيم نبيا " .
توفي سنة خمس وأربعين ومائتين.كذلك أخبرني على بن عمر؛أخبرني الحسن بن رشيق المصرى،إجازة؛حدثني جبلة بن محمد الصدق،حدثنا عبد الله بن سعيد بن كثير بن عفير بذلك.
وقيل :مات سنة ثمان وأربعين. وأسند الحديث:
1 - أخبرنا عبد الله بن الحسين بن ابرهيم الصوفي، أخبرنا محمد بن حمدون ابن مالك البغدادى، أخبرنا الحسن بن احمد بن المبارك،أخبرنا احمد ابن صليح الفيومى؛أخبرنا ذو النون المصرى؛ عن الليث بن سعد؛ عن نافع؛ عن ابن عمر؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر).
2 - سمعت منصور بن عبد الله، يقول: سمعت العباس بن عبد الله الواسطى، قال: سمعت ابرهيم بن يونس، يقول: سمعت ذا النون يقول: " إياك ان تكون بالمعرفة مدعيا؛ أو تكون بالزهد محترفا؛ أو تكون بالعبادة متعلقا " .
3 - سمعت أبا جعفر الرازى، يقول: سمعت العباس بن حمزة، يقول: سمعت ذا النون، يقول: " إن العارف لا يلزم حالة واحدة، إنما يلزم ربه في الحالات كلها " .
4 - وبه قال: سمعت ذا النون - وسئل: " ما أخفي الحجاب وأشده؟ " قال: " رؤية النفس وتدبيرها " .
5 - اخبرنا الحسن بن رشيق، إجازة، قال: حدثنا على بن يعقوب بن سويد الوراق، حدثنا محمد بن إبراهيم البغدادي، حدثنا محمد بن سعيد الخوارزمى، قال: سمعت ذا النون - وسئل عن المحبة - قال: " ان تحب ما أحب الله؛ وتبغض ما أبغض الله؛ وتفعل الخير كله؛ وترفض كل ما يشغل عن الله؛ وألا تخاف في الله لومه لائم؛ مع العطف للمؤمنين، والغلظة على الكافرين؛ واتباع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في الدين " .
6 - سمعت أبا بكر محمد بن عبد الله بن شاذان الرازى، يقول: سمعت يوسف بن الحسين، يقول: سمعت ذا النون يقول: قال الله تعالى: " من كان لى مطيعا، كنت له وليا؛ فليثق بى، وليحكم على. فوعزتى! لو سألنى زوال الدنيا لازلتها له " .
7 - أخبرنى محمد بن احمد بن يعقوب، إجازة، أن عبد الله بن محمد ابن ميمون، حدثهم؛ قال: سألت ذا النون عن الصوفي، فقال: " من إذا نطق، أبان نطقه عن الحقائق؛ وإن سكت نطقت عنه الجوارح بقطع العلائق " .
8 - وبه قال: سمعت ذا النون ، يقول: " الأنس بالله، من صفاء القلب مع الله؛ والتفرد بالله، الانقطاع من كل شيء سوى الله " .
9 - سمعت أبا عثمان سعيد بن أحمد بن جعفر، يقول: سمعت محمد بن احمد بن محمد بن سهل، يقول: سمعت سعيد بن عثمان الخياط، يقول: سمعت ذا النون يقول: " من أراد التواضع فليوجه نفسه إلى عظمة الله، فإنها تذوب وتصفو ومن نظر إلى سلطان الله، ذهب سلطان نفسه؛ لأن النفوس كلها فقيرة عند هيبته " .
10 - قال: وسمعت سعيد بن عثمان، بقول: سمعت ذا النون يقول: " لم أر أجهل من طبيب، يداوى سكران، في وقت سكره. لن يكون لسكره دواء - حتى يفيق - فيداوى بالتوبة " .
11 - وبه قال: سمعت ذا النون، يقول: " لم أر شيئا أبعث لطلب الإخلاص، من الوحدة؛لأنه إذا خلا، لم ير غير الله تعالى؛ فإذا لم ير غيره، لم يحركه إلا حكم الله. ومن أحب الخلوة، فقد تعلق بعمود الأخلاص، واستمسك بركن كبير من أركان الصدق " .
12 - وبه قال: سمعت ذا النون، يقول: " من علامات المحب لله، متابعة حبيب الله في أخلاقه، وافعاله، وأره، وسننه " .
13 - وسمعته يقول: " إذا صح اليقين في القلب، صح الخوف فيه " .
14 - سمعت منصور بن عبد الله، يقول: سمعت العباس بن يوسف، يقول: سمعت سعيد بن عثمان، يقول: أنشدنى ذو النون: أموت و ما ماتت إليك صبابتي و لا قضيت من صدق حبك أوطاري مناي، المنى كل المنى، أنت لي منى و أنت الغنى، كل الغنى، عند أقتاري و أنت مدى سؤلي و غاية رغبتي و موضع آمالي و مكنون اضماري * * * تحمل قلبي فيك ما لا أبثه و إن طال سقمي فيك أو طال إضراري و بين ضلوعي منك مالك قد بدا و لم يبد باديه لأهل و لا جار و بي منك، في الأحشاء، داء مخامر فقد هد مني الركن و انبث إسراري * * * ألست دليل الركب، إن هم تحيروا و منقذ من أشفي على جرف هاري؟ أنرت الهدى للمهتدين، و لم يكن من النر في أيديهم عشر معشار فنلني بعفو منك، أحيا بقربه اغثني بيسر منك، يطرد اعساري
15 - قال، و سمعت ذا النون يقول: لئن مددت يدي إليك داعيا، لطالما كفيتني ساهيا. أ أقطع منك رجاي، بما عملت يداي؟. حسبي من سؤالي، علمك بحالي " .
16 - و به قال ذو النون: " كل مدع محجوب بدعواه عن شهود الحق؛ لأن الحق شاهد لأهل الحق؛ لأن الله هو الحق، و قوله الحق؛ و لا يحتاج أن يدعي إذا كان الحق شاهدا له؛ فأما إذا كان غائبا فحينئذ يدعي. و إنما تقع الدعوى للمحجوبين " .
17 - و به قال ذو النون: " من أنس بالخلق، فقد استمكن من بساط الفراعنة. و من غيب عن ملاحظة نفسه، فقد استمكن من الإخلاص. و من كان حظه في الأشياء " هو " ، لا يبالي ما فاته، مما هو دونه " .
18 - سمعت أبا الحسن، علي بن محمد القزويني، يقول: سمعت علي أحمد بن محمد البزناني، يقول: سمعت محمد بن الحسين، يقول: سمعت فارسا، يقول: سمعت يوسف بن الحسين، يقول: سمعت ذا النون يقول: " الصدق سيف الله فيأرضه، ما وضع على شيء إلا قطعه " .
19 - و بإسناده، قال ذو النون: " من تزين بعمله، كانت حسناته سيئات. "
20 - سمعت أحمد بن علي بن جعفر، يقول: سمعت فارسا، يقول: سمعت يوسف بن الحسي، يقول: سمعت ذا النون، يقول: " بأول قدم تطلبه، تدركه و تجده " .
21 - و بإسناده، قال: سمعت ذا النون، يقول: " أدنى منازل الأنس، أن يلقى في النار، فلا يغيب همه عن مأموله " .
22 - سمعت أبا سعيد، أحمد بن محمد بن رميح، الحافظ، يقول: سمعت أبا يعلى بن خلف، يقول: سمعت ابن البرقي، يقول: سمعت ذا النون يقول: " الأنس بالله نور ساطع؛ و الأنس بالخلق غم واقع " .
23 - سمعت نصر بن محمد بن أحمد بن يعقوب العطار، يقول: سمعت أبا محمد البلاذري، يقول: سمعت يوسف بن الحسين، يقول: سمعت ذا النون يقول: " لله عباد تركوا الذنب استحياء من كرمه؛ بعد أن تركوه خوفا من عقوبته. و لو قال لك: " اعمل ما شئت، فلست آخذك بذنب " . كان ينبغي أن يزيدك كرمه استحياء منه، و تركا لمعصيته؛ إن كنت حرا كريما، عبدا شكورا. فكيف و قد حذرك؟! " .
24 - وبإسناده، قال ذو النون: " الخوف رقيب العمل، والرجاء شفيع المحن "
25 - وبإسناده، قال ذو النون: " اطلب الحاجة بلسان الفقر لا بلسان الحكم " .
26 - سمعت أحمد بن على بن جعفر، يقول: سمعت الحسن بن سهل بن عاصم، يقول: سمعت على بن عبد الله الكرجى، يقول: سمعت ذا النون، يقول: " مفتاح العبادة الفكرة. وعلامة الهوى متابعة الشهوات. وعلامة التوكل انقطاع المطامع " .
27 - سمعت احمد بن على بن جعفر، يقول: سمعت فارسا، يقول: سمعت يوسف بن الحسين، يقول: سمعت ذا النون، يقول: " كان لى صديق فقير، فمات، فرأيته في النون، فقلت له: " ما فعل الله بك؟ " .قال: " قال لي: " قد غفرت لك، بترددك إلى هؤلاء السفل، أبناء الدنيا،في رغيف، قبل أن يعطوك " .
28 - سمعت أبا جعفر، محمد بن أحمد بن سعيد الرازى، يقول: سمعت أبا الفضل، العباس بن حمزة، قال: سمعت ذا النون يقول: " كان الرجل، من أهل العلم، يزداد بعلمه بغضا للدنيا، وتركا لها؛ واليوم، يزداد الرجل بعلمه، للدنيا حبا، ولها طلبا. وكان الرجل ينفق ماله على علمه؛ واليوم يكسب الرجل بعلمه مالا. وكان يرى على صاحب العلم، زيادة في باطنه وظاهره؛ واليوم، يرى على كثير من أهل العلم فساد الباطن والظاهر " .
29 - سمعت أبا الحسين، محمد بن أحمد، الفارسي، يقول: سمعت فارسا، يقول: سمعت يوسف بن الحسين، يقول: سمعت ذا النون يقول: " العارف، كل يوم، أخشع؛ لأنه - كل ساعة - أقرب " .
30 - قال، وسمعت ذا النون يقول: " يا معشر المريدين!. من أراد منكم الطريق، فليلق العلماء بالجهل، والزهاد بالرغبة، واهل المعرفة بالصمت " .
راجع : [طبقات الصوفية]