شرفت مصر (القاهرة) بعدد كبير من ذرية الإمام جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
والإمام جعفر الصادق، هو: الإمام الرابع من الأئمة الاثني عشر عند الشيعة الإمامية والجعفرية، وكان يلقب بـ (الفاضل)، و(الطاهر) إلى جانب تلقيبه بـ (الصادق)، وجده لأمه، هو: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق {.
تتلمذ الصادق على يد والده محمد الباقر (الذي لقب بالباقر لبقره العلم ومعرفته بخفاياه)، وقد بلغ الصادق في العلم مبلغًا كبيرًا، وتلميذه جابر بن حيان الكوفي الصوفي (العالم العربي المشهور) نقل عنه الكثير من علومه ومعارفه، وللأستاذ الشيخ محمد أبي زهرة، كتاب «الإمام جعفر الصادق» دراسة عن حياته وفقهه وعلومه.
توفي رحمه الله عام (148هـ)، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة، وقد ترك رحمه الله ذرية كثيرة طيبة صالحة، منهم: (الإمام موسى الكاظم، والسيدة عائشة دفينة مصر، ومحمد المأمون، والعباسي، وعبد الله، وعلي، وإسحاق المؤتمن زوج السيدة نفيسة الصغرى بنت الحسن الأنور، وإسماعيل، والقاسم).
ولبعض هؤلاء السادة عقب طيب مبارك، آوى إلى مصر الآمنة -ابتعادًا عن اضطهاد العباسيين وغيرهم لآل البيت- فممن اشتهرت مزاراتهم من ذرية الإمام جعفر الصادق بالقاهرة:
1- السيدة عائشة بنت جعفر الصادق:
وهي أشهر ذريته بمصر، مسجدها ومشهدها مشهور يزار، قريبًا من (القلعة) في منطقة تسمى باسمها، توفيت سنة (145هـ)، وقد سبق ترجمتها في هذا الكتاب.
2- الشريف المعصوم:
وبتربة السيدة عائشة رضي الله عنها -كما يذكر السَّخَاوِي- قبر الشريف المعصوم بن محمد بن الحسن بن إبراهيم بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، دخل مصر في أيام (الصالح طَلَائِع بن رُزَيْك)، وكانت له منزلة عند الفاطميين، حتى إنهم كانوا يأتون لزيارته صباحًا ومساءً.
وكان يقول: «إني أعجب من مذنب، كيف تستقر قدماه على الأرض!».
3- السيدة آمنة بنت موسى الكاظم:
حفيدة الإمام جعفر الصادق، وقد سبق ذكرها.
4- القاسم الطيب:
هو السيد الشريف الإمام العالم القاسم الطيب بن محمد المأمون (الملقب بالديباج) ابن الإمام جعفر الصادق.
وهو والد السيد (يحيى الشبيه بالنبي صلى الله عليه وسلم)، ووالد السيدة (أم كلثوم بنت القاسم)، ومشهده قريب من مشهدها، وقريب منهما مشهد (يحيى الشبيه).
وكان القاسم الطيب من عباد الله الصالحين الأخيار، من أحفظ الناس لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، كُتِبت عنه أربعمئة محبرة.
قال الرازي: وأولاده يعرفون بـ (الطيارة)، ويعرفون أيضًا بـ (الكُلْثُمِيِّينَ).
وقد ذكروا أنَّه كان بمكة يدعو الله تعالى وقد اقْشَعَرَّ جسده، فقالوا له: ما هذا؟! فقال: إني لأستحي أن أدعوه تعالى بلسانٍ ما أديت به حق شكره.
ومناقبه رحمه الله كثيرة.
ويتكون ضريحه من حجرة مربعة تعلوها قبة، تقوم على ثمانية أضلاع، وبالمكان ثلاثة محاريب، وشاهد القبر غاية في البساطة، وقد أُهْمِلَ المكان، بل وتحول إلى مقبرة عامة، مفاتيحها في يد (تربي)، ولا يكاد يعرف هذا القبر أحد إلا من يقصده من الباحثين والزوار.
5- يحيى الشبيه بالنبي صلى الله عليه وسلم:
يحيى الشبيه بن القاسم الطيب بن محمد بن جعفر الصادق، سبق ذكره.
6- عبد الله بن القاسم الطيب:
هو أخو يحيى الشبيه، ومدفون معه بنفس المشهد، قبره في وسط القبة، وعند وسطه لوح رخام فيه نسبه، كانت وفاته يوم الإثنين لثلاث عشرة ليلةً خلون من شهر رمضان سنة (261هـ)، وكان تلو أخيه في العبادة والخير، والعفة والصلاح، وهم معروفون بإجابة الدعاء.
7- الحسن والمحسَّن:
قال بعض مشايخ الزوار: إنهما ابنا القاسم الطيب بن محمد بن جعفر الصادق، وقيل: هما أخوا السيدة عائشة بنت جعفر الصادق (والراجح عندنا الأول).
8- كُلْثُمُ العربية:
كلثم، ويقال: كلثوم، وأم كلثوم، بنت القاسم الطيب بن محمد بن جعفر الصادق، سبق ذكرها.
9- محمد بن القاسم الطيب:
هو أبو عبد الله محمد بن القاسم الطيب بن محمد بن جعفر الصادق، ومشهده بجوار مشهد الحسن والمحسَّن، وهو مشهد لطيف على هيئة مصطبة.
10- علي بن عبد الله بن القاسم الطيب:
علي بن عبد الله بن القاسم الطيب بن محمد بن جعفر الصادق، مشهده قريب من مشهد السيدة آمنة بنت موسى الكاظم، وهو من أهل الصلاح والدين، ومشهده جليل القدر، أمر ببنائه الظافر الفاطمي وكان يَحمل إليه شيئًا كثيرًا من النذور.
قيل: كانت وفاته سنة (325هـ).
11- فاطمة بنت علي الرضا:
فاطمة بنت علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق، تقدم ذكرها في الفاطمات.
12- الشريف هاشم بن الحسين:
هو السيد الشريف هاشم بن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي بن محمد بن علي بن إسماعيل بن الأعرج بن جعفر الصادق (المعروف في طبقات الأشراف بالهاشمي)، وهو إمام جليل القدر، وسيرته تغني عن الإطناب في مناقبه، ومعه في تربته قبر ولده (محمد الهاشمي)، وقريبًا منه من الناحية البحرية قبر السيدة زينب ابنة السيد هاشم.
13- رجل من ذرية إسماعيل بن جعفر الصادق:
مشهده بجوار مشاهدهم، ذكره السَّخَاوِي.
14- زينب الكلثمية:
زينب الكلثمية من ذرية القاسم الطيب بن محمد، تقدم ذكرها في الزينبات.
15- مشهد ذرية جعفر الصادق:
يقع هذا الضريح في شارع الصنادقية، والذي يعد من أهم الشوارع التجارية في قلب القاهرة، ويصل ما بين شارع المعز لدين الله الفاطمي وميدان الإمام الحسين، يطلق الأهالي على الضريح تجاوزًا اسم «جعفر الصادق»، وهي تسمية خاطئة، كما يقول الدكتور فهمي عبد العليم رئيس قطاع الآثار الإسلامية للمجلس الأعلى للآثار؛ لأن الإمام جعفر الصادق دفن في البقيع بالمدينة المنورة، وتوجد لوحة تأسيسية على بوابة الضريح تشير إلى أن المدفون في المكان من ذرية جعفر الصادق، واللوحة مكتوبة بالخط الكوفي، ولا توجد أيُّ مصادر تاريخية تحدد صاحب الضريح بدقة، ولكن الصلة بـ (جعفر الصادق) موثَّقَة ومؤكدة.
المكان عبارة عن منزل عتيق، يتكون من دورين، المدخل عبارة عن رَدْهَةٍ صغيرة جدًّا، تدفعك إلى داخل المقام الذي يبدو ضيقًا للغاية، وفي الدور العلوي توجد دورة مياه، ويحتاج هذا الطابق إلى ترميم عاجل، وكان في الماضي كُتَّاب لتحفيظ القرآن الكريم للأطفال.
وتشير حجج الأوقاف التي يتداولها الأهالي إلى أن ضريح ذرية جعفر الصادق، كان واقعًا تحت نظارة الخديو إسماعيل، وهو ما يدل على شدة الاهتمام بالمكان والعناية به([1]).