(1)
هو العالم الموسوعي، الداعية القطب، المجاهد الكاتب، الخطيب الشاعر المحاضِر، المعتصم بالله (السيد محمد زكي إبراهيم)، وكنيته: (أبو البركات)، ولقبه: (زكي الدين)، وقد وُلِدَ ببيت الأسرة ببولاق بمصر، ووالده القطب الشريف الحسيني (السيد إبراهيم الخليل بن علي الشاذلي)، ووالدته الشريفة الحَسَنية (السيدة الزهراء فاطمة النبوية)، بنت القطب الأكبر الشيخ (محمود أبو عليان الشاذلي)، وله ولدان وبنت، وكلهم متزوج وله أولاد وبنات.
وهو خريج الأزهر ويجيد عِدَّةَ لغات، وكان مفتشًا للتعليم بوزارة التربية والتعليم، ثمَّ أستاذًا بالدراسات العليا والمعهد العالي لتدريب الأئمة والوُعَّاظِ بالأوقاف، ثم عميدًا لمعهد (إعداد الدعاة) قبل أنْ تضمه إليها وزارة الأوقاف بعد أنْ أنشأته العشيرة، وتخرج فيه كثير من أشرف الدعاة بأطراف العالم الإسلامي.
وترجم لـ (إقبال) عن الفارسية، وللشاعر الألماني (هايني رش هايني)، ولغيره من شعراء أوربا وفارس، وقد نشرَ أكثرَ ذلك بمجلة «أبوللو»، التي كان يشارك في الإشراف عليها أمير الشعراء (أحمد شوقي) وفي غيرها من المجلات الأدبية الكبرى السابقة كمجلة «النهضة الفكررية» ومجلتي «الفجر» و«الإخوان» وغير ذلك.
(2)
وهو رائد العشيرة المحمدية ومؤسسها، ومؤسس مجلة «المسلم» (المجلة الصوفية الأولى في العالم الإسلامي)، ومؤسس معهد إعداد الدعاة (أول معهد شعبي صوفي من نوعه)، ومؤسس الطريقة المحمدية الشاذلية، ومجدِّد مسجد ومشهد المشايخ بقايتباي، ومراقد مسجد أهل اللهِ ببرقوق، ومجدد ساحات أبي عليان بالصعيد، ومؤسِّس المجمع المحمدي بمنشية ناصر والضويقة (الدويقة) والحرفيين، والساحة المحمدية بحميثرة، ثم كان عضوًا بالمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، واللجنة الدينية العليا بمحافظة القاهرة، والمؤتمر العالمي للسيرة والسنة، ومؤتمر التبليغ والدعوة العالمي، وبعض المجامع العلمية بالبلاد العربية والإسلامية، وله مكتبتُه النادرة العامرة بأمَّهَات الكتب القيمة والنادرة، القديمة والحديثة، مطبوعة ومخطوطة، وكان له الفضل في تجديد مسجد (آل ملك) وإلحاقه بمسجد العدوي بساحة الإمام الحسين رضى الله عنه.
(3)
وقد أهداه الرئيس جمال عبد الناصر (وشاح الرواد الأوائل ونوط التكريم)، وأهداه الرئيس السادات (نوط الامتياز الذهبي) من الطبقة الأولى، وأهداه الرئيس حسني مبارك (وسام العلوم والفنون) المخصص لكبار العلماء والأدباء، ثم أهداه (نوط الامتياز الذهبي) من الطبقة الأولى أيضًا، وأهداه الرئيس اليمني عبد الله السَّلَّال (وشاح اليمن والخنجر).
وأهدته محافظة القاهرة ووزارة الشئون الاجتماعية وبعض المؤسسات الكبرى، عددًا كثيرًا من شهادات التقدير والأوسمة ذات القيمة المعنوية، كما كان مؤسسًا لـ (مؤتمر الهيئات والجمعيات الدينية للعمل على تطبيق الشريعة الإسلامية)، باشتراك أخيه في الله شيخ الأزهر (الدكتور عبد الحليم محمود)، والأستاذ الشيخ حسنين مخلوف عميد الإفتاء، وعضوية جمهرة رؤساء وعلماء وممثلي الجماعات الإسلامية الرسمية والشعبية بمصر، الذي انعقد في الثمانينيات لثلاثة أيام، وهو أول مؤتمر من نوعه تشترك فيه الهيئات الحكومية، والجمعيات الإسلامية.
كما أسس (المؤتمر الصوفي العالمي)، و(مؤتمر المرأة المسلمة) الذي عقد في أوائل الخمسينيات، واشتركت فيه الجماعات الإسلامية، وكان له صداه في العالم كله، وكان من أقدم مؤسسي جمعية الإخوان المسلمين، ثم تركها مع الدكتور المرحوم (إبراهيم حسن) وطائفة من خيرة الرجال.
(4)
كما كان أمينًا ورائدًا دينيًّا لـ (جماعات الشبان المسلمين العالمية)، و(المؤتمر القرآني) برئاسة نائب رئيس الجمهورية السيد حسين الشافعي وعضوًا باللجنة، و(الهيئة العليا للدعوة بالأزهر) برئاسة الإمام الأكبر الدكتور عبد الحليم محمود، وكان خبيرًا باللجنتين التاريخيتين لإصلاح التصوف برئاسة السيد وزير الداخلية، ثم برئاسة الشيخ الباقوري وزير الأوقاف وقتئذ رحمه الله، وعلى مجهود هاتين اللجنتين صدرت اللائحة الصوفية الحالية، وقد كان له عليها عدة مآخذ، لولا أنها كانت الخطوة الأولى في سبيل إصلاح التصوف بمصر، وتعتبر نواة لما بعدها.
كما كان عضوًا إداريًّا عاملًا في أكثر من جماعة وهيئة ولجنة إسلامية واجتماعية وثقافية عامة وخاصة رسمية وشعبية، بمصر والخارج، منها: (جماعة أبوللو) للشعراء بدعوة المرحوم أحمد شوقي أمير الشعراء.
كما اشتغل فترة بالصحافة والنشاط النقابي للمعلمين، كل هذا رغم امتحانه الدائم بالأمراض الشديدة والمواجع المستمرة، وبرغم ما يبذل بكل السخاء، وبالغ الجود من ماله الخاص في سبيل الدعوة والإسلام بلا مَنٍّ ولا أذى، ولا إعلان ولا إشارة.
وله مشاركته الكبرى في تجديد المسجد الحالي لمولانا الإمام أبي الحسن الشاذلي بحميثرة، وتطهير مولده السنوي؛ تمهيدًا لما هو أفضل إن شاء الله.
(5)
وقد شارك في الإعداد لحرب عام 1973م هو وتلاميذه، وكبار أعضاء العشيرة والطريقة بأعمال التعبئة والتوعية والإعداد، حتى كان يبيت الليالي ذوات العدد مع جنود الجبهة على البحر الأحمر مع أخيه في الله زعيم السويس الشعبي الصوفي الشيخ حافظ سلامة، وزميله فضيلة الشيخ محمد الغزالي، وخاصة العلماء، وكم تعرض ومن معه للأخطار الداهمة، وواجه الأسر والقتل بين بورسعيد والإسماعيلية والسويس أمام الهجمات اليهودية؛ وذلك وراثة عن جده الإمام الحسين بن الإمام علي، في حروب شمال أفريقيا وأواسط أسيا، وعن شيخه أبي الحسن الشاذلي في موقعة المنصورة أمام الصليبيين وغيره من الصوفية السابقين الجامعين بين واجب الدنيا والدين.
ولا بد أنَّ نشير هنا إلى فرع العشيرة والطريقة بالسويس، الذي قام بالبطولات الفدائية، وبالمشاركة الإيجابية الدائمة في الكفاح ضد اليهود منذ حرب 1948م، حتى جاء نصر الله تحت إشراف الأخ الشيخ المهدي عبد الوهاب عميد العشيرة بالسويس، ومؤسس مسجد أهل الذكر بالأربعين.
ولشيخنا عشرات من مؤلفاته النادرة الكثيرة الدقيقة في التصوف الإسلامي، والدفاع العلمي عنه، وبيان أصيله من دخيله، ثم مؤلفاته في بقية العلوم الإسلامية، والآداب، والشعر، والاجتماع، والمعارف العامة.
وله نشاطه الديني بالإذاعة والتليفزيون، والجرائد والمجلات بمصر وغيرها، وله خطبه ومحاضراته ودروسه وفتاواه المخطوطة والمسجلة على الكاسيت، وغيره بالمساجد والنوادي والأحفال وغيرها، ولا تزال خصوصًا دروسه المشهودة بمسجد مشايخنا بقايتباي في ليالي الخميس وبعد صلاة الجمعة، والمواسم الإسلامية التي يحتفل بها المحمديون من خيرة الرجال وشريفات النساء.
وهو يكافح التطرف والتشدد بقدر ما يكافح التخريف والتحريف والتظاهر والرياء والضعف، داعيًا إلى الوسطية والسماحة، والحب والسلام، والعلم والعَلاقة بالله، والتقريب بين طوائف المسلمين على أساس الربانية القرآنية، مكافحًا الجمود والجحود، والتخلف والتعصب، والتطرف والإرهاب، والتخريب والعمالة، ومتخذًا المبدأ الصوفي الشرعي طريقة للخدمة الإسلامية الجامعة.
(6)
وله دعوته العلمية الثائرة القوية العملية إلى (الصحوة الصوفية الناهضة)، وإلى تحرير التصوف وتطهيره وإدماجه في الحياة الجادة، على طريق الكتاب والسنة قولًا وعملًا، ثم دعوته إلى (الجامعة الصوفية العالمية) كنواة للتجمع الإسلامي، بداية من الاتحاد العام للجمعيات الإسلامية، ودعوته إلى إنشاء «دائرة المعارف الصوفية التاريخية»، و«بيت الصوفية الجامع» للمكتبة والمستشفى والفندق وقاعة الاحتفالات، و«معهد الدراسات الصوفية»، و«المركز العلمي الصوفي»، والمطبعة والمجلة والجريدة، وكافة المنافع، و«المؤتمر الصوفي العالمي السنوي»، الذي عقد في دورته الأولى في الأربعينيات لثلاثة أيام بمصر، وقد تبنت الجماهيرية الليبية عقد دورته عام 1996م.
ومع كل هذا لم يَقبل مشيخة الطرق الصوفية، ولا عضوية مجلسها الأعلى؛ إيثارًا لحريته في دعوة الإصلاح الصوفي والمذهبي وغيره، ووقوفًا مع رأيه الخاص في كل ذلك، وقوة الحركة والتجديد على الأساس الشرعي والروحي الصحيح، ولكل هذا تتلمذ عليه كبار الصفوة من كبار رجال العلم والأدب والإدارة، وطلاب الحقيقة والدار الآخرة.
(7)
وكل ذلك كان بالتعاون الكامل مع شقيقه ونائبه وأمين سره ورفيق جهاده، العارف بالله السيد محمد وهبي إبراهيم، رحمه الله تعالى رحمة واسعة، حامل نوط الامتياز الذهبي، ومسئول إدارة العشيرة والطريقة بجميع الأنشطة، والمؤسسات المحمدية بالمدن والأقاليم، وبمشاركة العارف بالله السيد أبي التقى أحمد خليل رضى الله عنه وتقبل الله منهم جميعًا، ورحم الله أخانا السيد أبا التقى، ورفع درجته عنده بما قدم لدعوة العشيرة والطريقة من جهد وعمل دائم، حتى لقي الله رب العالمين، ونستغفر الله ونتوب إليه.
(8)
هذا، وقد قطع شيخنا مدارج السلوك الصوفي على يد والده، وأتمَّ مسيرة (الأسماء السبعة)، ثم (الثلاثة عشر)، ثم (التسعة والتسعين)، حتى انتهى إلى (الاسم المفرد والأعظم)، ودخل الخلوة الصغرى والكبرى مرات، ومارس العلوم الفلكية والروحية ونقَّحها، وأجرى الله على يديه الكرامات، وتتلمذ عليه كبار القوم والسادة من الشباب والعلماء والأدباء، وقد أسلم على يديه عدد من القساوسة والشمامسة وغيرهم، وزارته الوفود -ولا تزال- والشخصيات الكبرى من أطراف الوطن الإسلامي؛ طلبًا للسلوك الصحيح والإجازة بمروياته في الحديث الشريف عن أشياخه، فهو عَلَمُ الصوفية، وعالم الحديث، ومفتيهم، وقطب وقته، ومجدد عصره، وحامي حمى التصوف الإسلامي الحق والنهضة الرُّوحية الرفيعة في نواحي الحياة لا محالة، وقد لاقى في سبيل دعوته ما لا يوصف من أنواع الأذى البالغ ماديًّا وأدبيًّا في شخصه وعمله ووظيفته وخصوصياته وعمومياته، وهو سعيد مستمر صامد حتى يلقى الله مجاهدًا راضيًا مرضيًّا إن شاء الله، شأن آبائه وأجداده في خدمة الدين والوطن.
وقد ألزمته الأمراض الاعتكاف عدة سنين، ولكنه لم يفتر قط عن كافة أنشطة الدعوة بكل مشاقها وتضحياتها الكبرى، وبكل ما بقي له من جهد وطاقة في الله مع مرضه الدائم الطويل منذ سنين، وكما عانَى من أعداء الصوفية بما لم يخطر على بالٍ، كذلك عانى من أدعياء التصوف الرسميين، الذين حكموا بفصله من الصوفية -لأول مرة في التاريخ- حتى رُفِعَ الأمر إلى مجلس الدولة؛ فحكم له -لأول مرة في التاريخ الصوفي الرسمي- أشرف حكم وأصدقه، بالإضافة إلى ما ينظره القضاء العادي فيما بينه وبين المتمسلفة، سواء منهم الحمقى والمأجورين، حتى تدخل فيه فضيلة الإمام شيخ الأزهر الشريف، فضيلة الشيخ جاد الحق، ورئيس لجنة الفتوى الشيخ عطية صقر، وطائفة من المسئولين، وبعض كبار الرجال، ﴿وَالله أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا﴾ [النساء:84]، وكذلك حكم له بفضل الله.
وقد تلقى شيخنا الطريقة الناصرية الشاذلية عن والده، وتأكيدًا لنسب الطريقة تلقى شيخنا الطريقة الناصرية الشاذلية الشريفة عن الزعيم المغربي الكبير السيد اليمني الناصري، وأخيه السيد المكي الناصري أيام إقامتهما بمصر في بداية الثورة المغربية، كما تلقَّاهَا عن السيد الأمير عبد الكريم الخَطَّابِيِّ مدة إقامته بمصر أيضًا، رحم الله الجميع، ولا تزال الصلة قائمة -والحمد لله- مع السيد محمد المختار الناصري سفير المغرب بالمؤتمر الإسلامي، والسيد محمد الفاتح الناصري مندوب المغرب بالجامعة العربية رضي الله عن الجميع، (وهنا ننصح بمراجعة أنساب الطريقة برسالة البداية، ففيها بحمد الله الكفاية).
نفعنا الله ونفع الإسلام والتصوف بشيخنا وبعلومه وربانيته، ووفقنا إلى الاقتداء به، والثبات على طريقته، وخدمة دعوته، بفضله تعالى ونعمته، ونستغفر الله ونتوب إليه، والحمد لله رب العالمين.
صدر عن
(أمانة الدعوة بالعشيرة والطريقة المحمدية)
بمسجد المشايخ بقايتباي بالقاهرة
في أوائل ذي الحجة، عام ألف وأربعمئة وسبعة عشر
من الهجرة النبوية، بعد المراجعة والتكملة الضرورية