الحمد لله وسلام علىٰ عباده الذين اصطفىٰ:
اعلم -وفقني اللّٰه وإياك- أن علم التصوف في نفسه علم شريف، رفيع قدره سنيّ أمره، لم تزل أئمة الإسلام وهداة الأنام قديمًا وحديثًا يرفعون مناره، ويُجِلُّون مقداره، ويُعَظِّمون أصحابه، ويعتقدون أربابه. فإنهم أولياء اللّٰه وخاصته من خلقه بعد أنبيائه ورسله. غير أنه دخل فيهم -قديمًا وحديثًا- دخيل تشبهوا بهم، وليسوا منهم، وتكلموا بغير علم وتحقيق، فزلّوا وضلوا وأضلوا. فمنهم من اقتصر على الاسم، وتوسل بذلك إلى حطام الدنيا، ومنهم من لم يتحقق، فقال بالحلول وما شابهه، فأدى ذلك إلى إساءة الظن بالجميع.
وقد نبه المعتبرون منهم على هذا الخطب الجليل، ونصوا على أن هذه الأمور السيئة من الدخيل.
وقد وضعت هذه الكراسة، وسميتها (تأييد الحقيقة العلية وتشييد الطريقة الشاذلية) مرتبة على فصول. جعلها اللّٰه خالصة لوجهه ورزقنا الصدق في المقاصد والسلامة من الخطأ والخطل وشِبهه.