ما هي المكانة التي ينبغي أن تكون المحبة رسول الله صلي الله عليه وسلم وما هي حدودها، وهل يمكن أن تتعارض محبة رسول الله صلي الله عليه وسلم مع محبة الله ؟
محبة النبي صلي الله عليه وسلم هي مظهر محبة الله سبحانه وتعالي، فمن أحب ملكا أحب رسوله، ورسول الله صلي الله عليه وسلم حبيب رب العالمين، وهو الذي جاء لنا بالخير كله، وتحمل المتاعب من أجل إسلامنا ودخولنا الجنة، وقد أعلمنا صلي الله عليه وسلم عن مكانته التي ينبغي أن تكون في قلوبنا حتى يكمل ايماننا حيث قال صلي الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى اكون أحب إليه من والده وولده والناس اجمعين)(1) .
وعن زهرة بن معبد عن جده قال: كنا مع النبي صلي الله عليه وسلم، وَهُوَ آَخذ بيد عمر بن الخطاب فقال: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا نفسي. فقال النبي صلي الله عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه ). قال عمر فأنت الآن والله أحب إلى من نفسي فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم (الآن يا عمره)(2)
قال ابن رجب الحنبلي: (محبة النبي صلي الله عليه وسلم من أصول الإيمان، وهي مقارنة لمحبة الله عز وجل وقد قرنها الله بها، وتوعد من قدم عليهما محبة شيء من الأمور المحببة طبعا من الأقارب والأموال والأوطان وغير ذلك....)(3).
فلا يتحقق كمال الإيمان لعبد حتى تبلغ محبته للنبي ﷺ ذلك القدر الذي أراده صلي الله عليه وسلم من سيدنا عمر رضي الله عنه، وتلك هي الدرجة التي ينبغي لكل مسلم أن يتطلع إليها، وهذا لا تعارض بينه وبين حب الله، فأنت تحب رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ لأنه مبعوث من الله، فأساس حبك لرسول الله صلي الله عليه وسلم هو حب الله، وليس هناك مخلوق تجلى الله بصفات جماله وكماله عليه كسيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم، فأنت تحب التجليات الإلهية التي كان رسول الله صلي الله عليه وسلم هو المرآة التي تعكسها لنا، فالحب لله وحده، وحب رسول الله صلي الله عليه وسلم بكل قلبك هو حب الله ولا تعارض بينهما.
ما ذكر بإيجاز بيان لما يجب أن تكون عليه محبتنا له صلي الله عليه وسلم ، رزقنا الله حبه واتباعه وجواره في الآخرة، والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) أخرجه أحمد في مسنده: ج 3 ص ١٧٧، والبخاري في صحيحه ج 1 ص 14.
(2)أخرجه أحمد في مسنده: ج 4 ص ٢٣٣، والبخاري في صحيحه ج 5 ص ٢٤٤٥.
(۳) فتح الباري، لابن رجب الحنبلي: ج 1 ص 48