هل النبي صلي الله عليه وسلم نور، أم هو بشر مثلنا كما أخبر القرآن ؟
يجيب عليها : أ.د. علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ومفتي الجمهورية السابق
النبي صلي الله عليه وسلم نور هذا صحيح، قال تعالى: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ )(1) ، وقال تعالى: (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا)(2).
فهو صلي الله عليه وسلم نور ومنير، ولا شيء في أن تقول إن سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم كان نورا طالما أن الله عز وجل قد وصفه بذلك و سماه نورا ولقد ثبت في السنة أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يقولون: إن وجهه صلي الله عليه وسلم كالقمر(3)، وقد أخبر صلي الله عليه وسلم أنه عندما حملت فيه أمه: (رأت نورا أضاء لها قصور بصرى من أرض الشام)(4) ، وقد أخبر أصحابه ــ رضوان الله عليهم ــ أنه: (لما كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة أضاء منها كل شيء، فلما كان اليوم الذي مات فيه أظلم منها كل شيء)(5). إلى غير ذلك من آثار وأحاديث تبين انه صلي الله عليه وسلم كان نورا، ولا ينبغي أن ننفي أن ذلك النور كان حسيا، فليس هناك ما يتعارض وكونه صلي الله عليه وسلم كان منيرا، أو له نور حسي، كما أنه لا يعارض طبيعته البشرية التي أخبر بها القرآن.
إن المحظور هو نفي البشرية عنه صلي الله عليه وسلم؛ لأن هذا مخالف لصحيح القرآن فقد قال الله تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ)(6) ، فالسلامة في ذلك أن تثبت كل ما أثبت الله لنبيه صلي الله عليه وسلم، فتثبت أنه صلي الله عليه وسلم كان نورا ومنيرا ولا يزال، وأنه بشر مثلنا، دون تفصيل وتنظير.
وإثبات النور الحسي له صلي الله عليه وسلم لا يتعارض مع كونه بشرا، فالقمر طبيعته صخرية، ومع ذلك هو نور وله نور حسي، والنبي صلي الله عليه وسلم خير من القمر، وخير من خلق الله كلهم، نسأل الله أن يهدينا الطريق المستقيم، فهذا بيان لقضية نورانية النبي صلي الله عليه وسلم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، والله تعالى أعلى وأعلم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) سورة المائدة (15).
(2) سورة الأحزاب، آية: (46).
(3) النسائي في الكبرى: ج 5 ص 187، وج6 ص155، والطبراني في الكبير: ج ١٠ ص ۱4۷، وذكر ذلك أيضا الحافظ ابن حجر في الإصابة:ج6 ص180.
(4) رواه الطبري في تاريخية: ج1 ص458، وابن هشام في السيرة النبوية: ج1 ص٣٠٢، وصاحب حلية الأولياء:ج10 ص374.
(5) رواه أحمد في مسنده : ج ٣ ص ٢٦٨، والترمذي في سننه : ج5 من 588، وابن ماجه في سننه ج ۱ ص 522، وابن حبان في صحيحه ج 14 ص 601.
(6) سورة فصلت آية (6).