ابو محمد أحمد بن محمد بن الحسين الجريري(1)
من كبار أصحاب الجنيد ، صحب سهل بن عبد الله .
أقعد بعد الجنيد في مكانه ، وكان عالماً بعلوم هذه الطائفة ، كبير الحال .
مات رحمة الله سنة إحدى عشرة وثلاث مئة .
سمعت أبا عبد الله الشيرازي يقول : سمعت أحمد بن عطاء الروذباري يقول : ( مات الجريري سنة الهبير(2) ، فجزت به بعد سنة ، فإذا هو مستند جالس وركبته إلى صدره وهو مشير بإصبعه إلى الله ) (3)
سمعت محمد بن الحسين يقول : سمعت أبا الحسين الفارسي يقول : سمعت أبا محمد الجريري يقول : ( من استولت عليه النفس .. صار أسيراً في حكم الشهوات ، محصوراً في سجن الهوى ، حرم الله على قلبه الفوائد ، فلا يستلذ بكلام الحق تعالى ولا يستحليه وإن كثر ترداده على لسانه ولقوله تعالى : ( سأصرف عن ءايتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق ) (4)
وقال الجريري : ( رؤية الأصول باستعمال الفروع، وتصحيح الفروع بمعارضة الأصول، ولا سبيل إلى مقام مشاهدة الأصول إلا بتعظيم ما عظم الله من الوسائط والفروع ) (5)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) كذا ضبطه شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في ( إحكام الدلالة ) (1/172 ) نسية إلى جرير بن عباد .
(2) قال ابن الجوزي في ( المنتظم ) (8/45 -46 ) : ( الهبير : اسم موقع عارض فيه أبو سعيد الجنابي القرمطي الحاج ، فأصاب منهم جماعة فتفرقوا، فعاد وعارضهم في محرم سنة اثنتي عشرة وقتك بهم الفتك القبيح ، فجائز أن يكون الجريري قد هلك في المعارضة الأولى، وإنما هلك في الطريق وبقي على حاله ) ، ثم روي الخبر عن المصنف .
(۳) ورواه الخطيب في ( تاريخه ) (5/۱۹۹) ، قال العلامة اللخمي في ( الدلالة ) : ( وقوله : ( باصبعه) ليس مشيرا إلى الجهة ، بل إلى الوحدانية ) .
(4) ورواه السلمي في ( طبقاته ) ( ص 262) ، قوله ( كثر ترداده ) يعني ولو قرا كل يوم ختمة ، والآية من سورة الأعراف (146) .
(5) رواه السلمي في ( طبقاته ) (ص 263) ، والأصول في الكتاب والسنة والإجماع ، فكلما أراد الإنسان أن يعمل عملا ؛ من صلاته وصومه ، وسكوته وكلامه .. فلا بد أن يلتفت لأصوله ، ويعرف حكمه منها في حله وتحريمه ؛ فبهذا الاعتبار تكون الفروع مذكرة للأصول من جهة احتياجها إليها ، والوسائط هنا : الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه والعلماء الوارثون عنه دينه ، فلا يمكنه تعظيم الأصول إلا بتعظيم الناقلين لها والمبلغين، كما أفاده العلامة اللخمي في ( الدلالة ) .